بعد أن لم يكن مفاد التخصيص المطابقي ولا الالتزامي إلا خروج مورد الخاص عن حكم العام وقصور ، عنوان العام عن تأثير حكمه في مورده ، بل يتعين اختصاص الموضوع العنواني بعنوان العام ، وإن لم يكن تمام الموضوع الحقيقي الذي هو بمنزلة العلة التامة يدور الحكم مداره وجودا وعدما ، لفرض قصوره في مورد الخاص. ولا يبعد رجوع ما ذكره سيدنا الأعظم قدّس سرّه لذلك.
بقي الكلام في ثمرة الأقوال في المقام ، وهي تظهر في التمسك بالاصول الموضوعية لإحراز حكم العام في الفرد المشتبه ، لوضوح أنه لا بد في ترتب الحكم الذى تضمنه الدليل عملا من إحراز موضوع حكمه ، ولا ينفع فيه إحراز غيره من العناوين ، وإن كان لازما للموضوع إلا بناء على الأصل المثبت.
وحينئذ يلزم في ترتيب حكم العام في المقام على الأول إحراز العنوان الوجودي المضاد للخاص ، وعلى الثالث إحراز العنوان العدمي ، وعلى الثالث يكفي إحراز أي عنوان مناف له وجوديا كان أو عدميا.
وهذا كله واضح ، إنما الإشكال على القول الرابع ، فقد صرح بعض الأعيان المحققين وسيدنا الأعظم قدّس سرّهما بامتناع التمسك بالأصل الموضوعي وجوديا كان أو عدميا ، وأن الأصل العدمي وإن كان ينفع في نفي حكم الخاص إلا أنه لا يقتضي إثبات حكم.
نعم ، لو لم يتضمن العام حكما ، بل مجرد نفي حكم الخاص ـ كما لو قيل : لا يجب إكرام العالم إلا العادل ـ لزم ترتبه ، كما نبه له سيدنا الأعظم قدّس سرّه.
لكن يصعب البناء على ذلك بالنظر للمرتكزات الاستدلالية ، فإذا قيل : يجب صلة كل فقير ، ثم ورد : يستحب صلة الفقير المكفي المئونة. فالتوقف عن وجوب صلة زيد مع استصحاب عدم كونه مكفي المئونة بعيد جدا ، ولا يظن منهما ولا من غيرهما البناء على ذلك في نظائره من الفقه.
بل قد جرى سيدنا الأعظم قدّس سرّه في مستمسكه على خلاف ذلك في جملة