وإنما الكلام في الاشتباه والتردد بين العموم الاستغراقي والمجموعي.
وقد ذكر بعض الأعاظم قدّس سرّه أن الأصل في العموم أن يكون استغراقيا ، لاحتياج العموم المجموعي إلى مئونة زائدة ، وهي مئونة اعتبار الأمور الكثيرة أمرا واحدا ، ليحكم عليها بحكم واحد ، وهو خلاف الأصل.
ويشكل بعدم وضوح لزوم ملاحظة الامور المتكثرة أمرا واحدا في العموم المجموعي ، بل يكفي لحاظها في أنفسها وجعل حكم واحد لها ، بنحو يكون واردا عليها بتمامها ، لا بنحو يكون واردا على أمر واحد منتزع منها ، ليرجع إلى لحاظ الوحدة بينها ويكون خلاف الأصل ، في قبال ما إذا جعل لكل منها حكم مستقل به ، الذي يكون العموم معه استغراقيا انحلاليا.
وذلك جار في تعاطف المفردات ، كما لو قيل : أكرم زيدا وعمرا وبكرا ، حيث لا ملزم بلحاظ الوحدة بينها لو كان ورود الحكم عليها بنحو المجموعية والارتباطيّة.
بل الظاهر أن العموم الاستغراقي هو المبني على نحو من العناية ، وهي ملاحظة الحكم الذي تضمنته القضية منحلا إلى أحكام متعددة بعدد الأفراد ، فإن ذلك إن لم يكن خلاف الظهور الأولي فلا أقل من كونه خلاف الأصل.
هذا ، وقد يقرب أصالة الانحلال في العموم بأن العموم المجموعي مستلزم لتقييد حكم كل فرد بإطاعة أحكام بقية الأفراد ، وهو خلاف الإطلاق.
لكنه يندفع : بأن إطلاق حكم الفرد بالنحو المقتضي لعدم دخل إطاعة أحكام بقية الأفراد فيه فرع كونه استقلاليا وكون العموم انحلاليا ، أما إذا كان ضمنيا لكون العموم مجموعيا فلا إطلاق فيه ، ليمنع من البناء على التقييد المذكور ، فلا مجال للاستدلال بالإطلاق على الانحلالية. وكذا الحال في تعاطف المفردات.
نعم ، يتجه الإطلاق في حكم الفرد مع تعدد الجمل ، كما في قولنا أكرم