يكون الحكم منصبا على الأفراد الخارجية وجاريا عليها حقيقة. ولعل ذلك هو المراد بالماهية الخارجية في كلماتهم.
وهي تارة : تلحظ بنفسها مع قطع النظر عما هو خارج عنها ، فيعبر عنها بالماهية لا بشرط ، كما في قولنا : أكرم العالم.
واخرى : تلحظ مع ما هو خارج عنها مقيدة بوجوده ، كما في قولنا : أكرم العالم العادل ، ويعبر عنها بالماهية بشرط شيء ، أو بعدمه ، كما في قولنا : أكرم العالم غير الفاسق ، ويعبر عنها بالماهية بشرط لا.
وبهذا يظهر أن انقسام الماهية إلى الأقسام المذكورة من الذهنية والخارجية المطلقة والمقيدة ليس كسائر الانقسامات راجعا إلى تباين الأقسام بخصوصياتها مع رجوع اشتراكها في المقسم إلى تماثل ما به الاشتراك بينها ، بل هو راجع إلى تبادل حالات الأمر الواحد ، وهو الماهية بحدودها المفهومية المحكية باللفظ التي يختلف لحاظها باختلاف الوجوه المتقدمة ، فهو نظير انقسام زيد إلى القائم والقاعد ، لا كانقسام الإنسان إلى الرجل والمرأة.
وإن كان قد يظهر من بعض كلماتهم أن التقسيم المذكور ونحوه حقيقي ، وأن الأقسام متباينة في أنفسها.
والأمر سهل ، إذا المهم معرفة الأقسام لا حال التقسيم.
هذا ، ولا إشكال ظاهرا في أن استعمال الألفاظ الموضوعة للماهية في القسم الأول ـ وهو الماهية الذهنية ـ حقيقة ، لقضاء الوجدان بعدم ابتنائه على العناية التي لا بد منها في المجاز ، وكذا القسم الثاني ، وهو الماهية الخارجية الملحوظة بنحو اللابشرط ، لاشتراكه مع الأول في الحكاية عن الماهية بحدودها المفهومية ، وسوقها عبرة للأفراد مقارن للاستعمال خارج عن المستعمل فيه.
وإنما الإشكال في القسم الثالث ، وهو الماهية الخارجية المقيدة بشرط شيء أو بشرط لا ، فقد حكي عن القدماء أن استعمالها فيه مجازي.