والشرط خصوص الأمر الواقعي من الطهارة أو الحلية أو نحوهما فدليل الحكم الظاهري إنما يكون حاكما عليه لو كان مفاده الحكم بالطهارة والحل ونحوهما ادعاء وتنزيلا من دون أن يتضمن جعلا حقيقيا ، على ما سبق في الوجه الثالث. وهو خلاف مفروض كلامه.
أما لو كان مفاده الحكم بهما ظاهرا بنحو يتضمن الجعل الحقيقي ـ كما هو مقتضى كلامه ـ. فإن كان الحل والطهارة الظاهريان من أفراد الحل والطهارة الواقعيين ، وليس الفرق بينهما إلا في الموضوع ، حيث يكون موضوع الواقعيين الذات بنفسها ، وموضوع الظاهريين الذات بعنوان كونها مجهولة الحال ، لم يكن دليلهما حاكما على دليل الجزئية والشرطية ، بل واردا عليه ، نظير ما تقدم على المبنى الأول.
وإن كانا مباينين للحل والطهارة الواقعيين لم يكن الحكم بهما مقتضيا لترتب حكم الحل والطهارة الواقعيين ظاهرا ، فضلا عن ترتبه واقعا بنحو يقتضي الإجزاء حتى لو انكشف الخطأ ، لعدم كونهما حينئذ من أفراد الموضوع.
إلا أن يثبت بدليل آخر تنزيلهما منزلة الحل والطهارة الواقعيين في الأحكام. ولا تنهض به أدلة جعلهما لأن جعل الموضوع في مرتبة سابقة على جعل حكمه ، فلا يتكفل بهما معا دليل واحد متضمن لجعل واحد. ومن هنا لم يكن كلامه خاليا من الاضطراب.
على أن لازمه تأسيس فقه جديد ، فإن مفاد أدلة الاصول المذكورة ـ ومنها الاستصحاب ـ لو كان حاكما على أدلة الأحكام الواقعية وموسعا لدائرة الجزء والشرط بنحو يقتضي الإجزاء واقعا في المأمور به الذي هو موضوع الصحة والفساد والإجزاء لجرى في شروط وأجزاء غيره مما يكون مردا للآثار ، كالعقود والإيقاعات وموضوعات الأحكام الأخر ، فإذا تم التعبد الظاهري ـ الذي تتضمنه تلك الاصول ـ بتلك الشروط صحت العقود والإيقاعات وترتبت تلك الأحكام