لزوم رفع اليد عنها لا يخرجها عن موضوع الحجية ، بل هي كما لو لم يعمل فيها بتلك الحجة السابقة بعد فرض تقديم الحجة اللاحقة عليها ورفع اليد بها عنها.
ثانيها : ما حكاه في التقريرات عن بعض الأجلة من أن تبدل الاجتهاد وقيام حجة اخرى على خلاف الحجة الاولى ليس إلا نظير النسخ ، فإنه بوصول الحجة الثانية ينقضي زمان الحجة الاولى ، من دون أن ترتفع حجيتها في ما كانت حجة فيه.
وفيه : أنه بعد فرض عدم تبدل الواقع باختلاف الحجج لا مجال لقياس المقام بالنسخ ، لا بالإضافة للواقع ، كما هو ظاهر ، ولا بالإضافة للحجة السابقة ، لأنه إن اريد بذلك بقاء حجيتها في الوقائع السابقة فهو موقوف على ثبوت الإطلاق لها وقصور إطلاق دليل الحجة الثانية عن شمول تلك الوقائع ، وقد سبق أنه لا مجال لذلك في الأدلة التي يبتنى عليها الاجتهاد.
وإن اريد به الاكتفاء في الإجزاء بمطابقة العمل للحجة السابقة حين صدوره ولو بعد سقوطها عن الحجية ، فهو أوهن ؛ لوضوح أن البناء عملا على الإجزاء في كل زمان موقوف على قيام الحجة عليه في ذلك الزمان ، ولا يكفي قيامها عليه سابقا بعد فرض سقوطها عن الحجية بعد ذلك ، نظير القطع.
ثالثها : أن الأخذ بالأمارة الثانية في الوقائع السابقة دون الأولى ترجيح من غير مرجح بعد كونهما معا ظنيتين ، فعن كاشف الغطاء بعد كلام له في المقام : «على أنه لا رجحان للظن على الظن السابق حين ثبوته».
ويظهر ضعفه مما تقدم ، فإنه بعد فرض سقوط الأمارة الاولى عن الحجية ـ بمقتضى أدلة الأمارتين ـ يتعين التعويل على الثانية دون الآلي ، وإنما تكون الآلي كالثانية بالثانية ما دامت حجة ، كما هو الحال قبل قيام الثانية ، لا مطلقا ولو بعد سقوطها عن الحجية بها.
رابعها : أنه مقتضى الاستصحاب.