مباحثهما ، إلا أنه لابتناء بعض الكلام فيه على مباني مسألة الإجزاء ومناسبته لها يحسن التعرض له هنا.
فنقول : لا يخفى أن المراد بالإجزاء ..
تارة : هو الإجزاء الظاهري ، لاحتمال إصابة مقتضى الاجتهاد أو التقليد السابق الواقع.
واخرى : هو الإجزاء الواقعي حتى مع فرض المخالفة للواقع ، لاجتزاء الشارع بالعمل المذكور عن الواقع لإحدى الجهات المتقدمة.
ولازم الأول عدم الإجزاء مع العلم الوجداني بالمخالفة ، بخلاف الثاني. وقد يظهر من جملة كلماتهم إرادة الأول ، ويظهر حاله مما تقدم في التنبيه السابق.
والذي يناسب البحث المعقود له هذا التنبيه هو الثاني. وقد يستدل عليه بوجوه ..
الأول : أنه لو لاه يلزم العسر والحرج ، لعدم وقوف المجتهد غالبا على رأي واحد بالإضافة لعمل نفسه ، وتعرض المقلد لاختلاف الفتاوى عليه لأجل ذلك ، ولأجل العدول في التقليد أو حدوث الاجتهاد له بعد العمل على التقليد مدة طويلة ، ومقتضى قاعدة نفي العسر والحرج البناء على الإجزاء وسقوط التكليف الواقعي حينئذ.
وفيه : أن لزوم الحرج من عدم الإجزاء في غير موارد (لا تعاد) ونحوها مما دل الدليل على الإجزاء فيه بالخصوص لا يطرد في جميع الموارد ، بل يختلف باختلاف التكاليف ومدة العمل على الاجتهاد الخاطئ ، وغاية ما يدعى لزوم الحرج نوعا ، وهو لا ينفع في جريان القاعدة ، لأن موضوعها الحرج الشخصي.
مع أن ذلك منتقض بما إذا تفرعت المخالفة على تعبد شرعي غير الاجتهاد والتقليد في الشبهات الموضوعية كاستصحاب عدم البلوغ وأصالة