بالقرائن المكتنفة له وتيسر فهمهم له غالبا وعدم ضياع مؤداه عليهم.
ولو فرض ابتلاؤهم به فلا يتضح بناؤهم على الإجزاء معه ، لاحتمال كون منشأ الاجزاء عندهم ارتكازا التخفيف تداركا لما يقع على المكلفين بسبب محنتهم ، دون ما يحصل بسبب المكلف نفسه.
ومنه يظهر عدم الإجزاء في حق المجاهد نفسه عند تبدل اجتهاده في أمثال عصورنا ، لابتناء تبدل رأيه غالبا على انكشاف الخطأ له في فهم الأدلة أو غفلته عن بعضها أو عن كيفية الجمع بينها ، لا لعدم تيسر الوصول إليها ، بخلاف العامي لو بقي على تقليد المجتهد بعد عدوله عن فتواه ، أو عدل لغيره ممن يخالفه في فتواه ، أو اجتهد على خلاف رأيه ، لعدم استناد خطئه في العمل لأمر يعود له ، بل الفتوى المجتهد التي هي الطريق الشرعي المتيسر في حقه مع تعذر الوصول للواقع من طريق آخر.
نعم ، لو كان ناشئا من خطئه في فهم كلام المجتهد أو في تشخيص المجتهد الذي قامت الحجة على تعيينه ، أو كان مقصرا في الرجوع للمجتهد المذكور اتجه عدم الإجزاء في حقه ، لاستناد الخطأ له كالمجتهد ، لا لقصور الأدلة.
هذا ، وأما ما سبق من دعوى الإجماع على عدم الإجزاء ، بل سبق عن غير واحد دعواه مع ظهور الخطأ بالعلم الوجداني وأنه المتيقن من كلامهم. فلا يبعد حمل ما اطلق فيه عدم الإجزاء على إرادة بيان مقتضى الأصل في الأحكام الظاهرية في مقابل التصويب الذي عليه العامة ، فهو راجع إلى الإجماع على التخطئة ، أو بيان عدم الإجزاء في حق المجتهد نفسه ، أو في المعاملات ونحوها ، بنحو يرجع إلى عدم ترتيب أثر الصحة على العمل بعد ظهور بطلانه بالاجتهاد الثاني ـ كما هما مورد كلام العميدي ـ حيث سبق عدم وضوح السيرة على الإجزاء في الموردين.