يقتضي المخالفة بترك الكل لعدم المرجح بينها في استناد ترك الوجود البدلي المطلوب إليه ، لا لإرادة الكل بنحو المجموع.
وتظهر الثمرة لذلك (١) في مثل ما لو توضأ المكلف في حوض مباح ناويا أو عالما بفتح طريق جريان الماء منه بعد إكمال الوضوء للأرض المغصوبة فعلى القول بحرمة المقدمة الموصلة مطلقا يتعين بطلان الوضوء لكونه مقدمة إعدادية موصلة للحرام المفروض تحقق بقية أجزاء علته فيما بعد ، فيكون تمردا ومخالفة للحرمة ويمتنع التقرب به ، وعلى ما ذكرنا يصح الوضوء ، لعدم التمرد والمخالفة إلا بفعل الجزء الأخير من علة الحرام ، وهو فتح الطريق من الحوض للأرض المغصوبة ، وإنما يبطل الوضوء إذا كان هو آخر أجزاء العلة ، لانفتاح الطريق من أول الأمر.
وإلى ما ذكرنا يرجع ما ذكره المحقق الخراساني قدّس سرّه في المقام ، حيث خصا الحرمة بالمقدمة التي يمتنع معها ترك الحرام.
الثالثة : تحديد الداعوية نحو المقدمة.
والظاهر أنه يجري هنا ما تقدم في مقدمة الواجب من تبعية حكم المقدمة لحكم ذيها في الإطلاق والاشتراط ، وأن المنع قبل وقت الحرام من مقدمته التي ينحصر تركه في وقته بتركها قبل وقته يبتني على ما تقدم في المقدمات المفوتة ، من دون فرق بين المقامين ، كما يظهر بالتأمل في الوجوه السابقة.
وبهذا ينتهي الكلام في مقدمة الواجب. والحمد لله رب العالمين ، ومنه نستمد العون والتوفيق ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
__________________
(١) لا تظهر الثمرة المذكورة في فعل مقدمة المكروه ، لأن فعل المكروه ليس تمردا مانعا من التقرب المعتبر في العبادة ، على ما يأتي توضيحه في مبحث اجتماع الأمر والنهي عند الكلام في العبادات المكروهة إن شاء الله تعالى.