بها من عكسه ، ككمأة ، بناء على أنه ليس جمعا ، بل اسم جنس.
هذا ، وربما يجمع بين ما ذكرنا وما ذكروه من إطلاق دلالة النكرة على الطبيعة المتشخصة بالفرد الواحد بأن مرادهم بما ذكروه دلالة النكرة على الفرد المردد بالنحو المدلول للنكرة المأخوذ فيها من إطلاق أو تقييد بالوحدة أو التكثر ، فمثل شجر وإن كان يدل على أشجار كثيرة ، إلا أنه يدل على فرد واحد شايع في أفراد الشجر الكثير ، كما يدل لفظ شجرة على فرد شايع في أفراد الشجرة الواحدة ويدل لفظ حنطة على فرد شايع في أفراد الحنطة الصادقة على القليل والكثير ، فأخذ الكثرة في القسم الثالث لا تنافي دلالة النكرة على الفرد الواحد ، والذي تكون الكثرة مقومة لفرديته.
إذا عرفت هذا ، فلا يخفى أن ما تقدم في وجه دلالة النكرة في سياق النفي أو النهي على العموم من توقف انتفاء الطبيعة على انتفاء تمام أفرادها كما يجري في القسم الأول يجري في القسم الثاني ، لأن انتفاء المتشخص بالواحد لا يكون مع وجود الأفراد المتكثرة ، وكما ينافيه انحصار الوجود بالواحد ينافيه وجود المتكثر.
نعم ، لو كان مفاد نفيها انتفاء التشخص بالواحد وانتفاء وحدة التشخص لم يناف التشخص بالمتكثر. لكن من المعلوم أن مفاد النكرة ليس هو التشخص بالواحد ووحدة التشخص ، الذي لا يصدق مع التكثر ، بل المتشخص بالواحد الذي يصدق معه ، فلا يصح نفيه إلا مع نفيه.
وأما مثل : لا رجل في الدار بل رجلان ، فالظاهر ابتناؤه على تقييد الوجود المنفي بالانفراد بقرينة الاستدراك ، ولولاه يكون المفهوم نفي الرجل مطلقا ولو مع الكثرة ، فكأنه قيل : لا رجل فقط في الدار بل رجلان ، نظير قولنا : ليس بعض العلماء في الدار بل كلهم ، وليس زيد في الدار ، بل الزيدان معا.
وإليه يرجع ما ذكره بعض النحويين من أن (لا) لنفي الوحدة ، لا لنفي