كالإرادة والكراهة أو الملاكين ـ كما هو مبنى الوجهين السابقين ـ بل للتنافي بينهما بأنفسهما ، إما على نحو التنافي بين سائر الأحكام الوضعية والأمور الاعتبارية المتضادة ، أو للتنافي بين أنحاء اقتضائها للعمل ، الذي هو المقوم لها والمصحح لجعلها.
وأما ما ذكره بعض المحققين قدّس سرّه في وجه منع التضاد من إمكان اجتماع الحكمين في موضوع واحد ولو من موالي متعددين ، حيث يكشف عن عدم تضاد الحكمين بحسب حقيقتهما ، وخصوصيات الموالي من المقومات الفردية التي لا تكون دخيلة في التضاد ، لأنه من شئون الحقائق والطبائع ، لا من شئون الأفراد.
ففيه : أن خصوصية المولى وإن كانت من المقومات الفردية إلا أنه مانع من دخل الخصوصيات الفردية في امتناع الاجتماع الناشئ عن التضاد ـ بالمعنى الراجع لامتناع الاجتماع الذي هو محل الكلام ـ إذا كانت الخصوصيات الفردية مقومة للموضوع ، ولذا يمتنع اجتماع الضدين في الموضوع الواحد ، لا مطلقا ،
وفى المقام حيث كان الحكم التكليفي نحو إضافة قائمة بالمكلّف والمكلّف والمكلف به فهو متقوم بالأطراف المذكورة ، وهي الموضوع له ، فالتضاد بين الأحكام إنما يقتضي امتناع اجتماعها مع وحدة الموضوع بانحفاظ الأطراف الثلاثة ، لا مع تعدده باختلاف بعضها ، كما هو الحال في سائر الامور الإضافية كالابوة والبنوة اللذين يمتنع اجتماعهما في الشخص الواحد بالإضافة إلى شخص واحد ، وإن أمكن اجتماعهما فيه بالإضافة إلى شخصين. إلا أن يريد من التضاد تنافرا خاصا خارجا عن محل الكلام.
وبالجملة : التضاد بين الأحكام التكليفية بالمعنى الراجع لامتناع اجتماع أكثر من حكم واحد في الموضوع الواحد لذاتيهما من البديهيات المستغنية عن الاستدلال والاستدلال على منعه ملحق بالشبهة في مقابل البديهة ، وإنما الكلام