كما يتعين حينئذ تقدم النهي ، لأن ملاكه تعييني فلا يزاحم بملاك الأمر التخييري بالفرض ، بلا حاجة إلى جهة اخرى تقتضي ترجيحه ، لأن ذلك إنما يحتاج إليه في موارد التعارض بين الدليلين ، دون موارد التزاحم بين الحكمين التي تقدم أن المقام منها.
لكن يظهر من جملة من كلماتهم أنه بناء على تعلق الأحكام بالعناوين ـ كما تقدم منا ـ لا يلزم من عموم موضوع الحكمين معا للمجمع اجتماع الضدين. أما في مقام البعث والزجر فلتعدد المتعلق ، وهو العنوان ، وأما في مقام الإطاعة والعصيان بالفرد فلسقوط أحدهما بالإطاعة والآخر بالعصيان ، من دون أن يلزم اجتماعهما في واحد ، على ما ذكره المحقق الخراساني قدّس سرّه.
ومن ثم ذهب إلى جواز الاجتماع بعض المحققين وتبعه بعض المعاصرين.
حيث قال في اصوله : «وإذا جمع المكلف بينهما صدفة بسوء اختياره فإن ذلك لا يجعل الفعل الواحد ... متعلقا للايجاب والتحريم إلا بالعرض ، وليس ذلك بمحال ، فإن المحال إنما هو أن يكون الشيء الواحد بذاته متعلقا للإيجاب والتحريم. وعليه فيصح أن يقع الفعل الواحد امتثالا للأمر من جهة باعتبار انطباق المأمور به عليه وعصيانا للنهي من جهة اخرى باعتبار انطباق عنوان المنهي عنه».
وفيه : أن منشأ تضاد الأحكام ـ كما سبق ـ ليس إلا اختلاف مقتضياتها في مقام العمل ، وحيث كان متعلق العمل هو الفرد لزم التضاد بينها بلحاظ اختلاف نحو العمل المتعلق به من حيثية كل منها ولا أثر لتعدد العنوان في ذلك.
ومن ثم لا إشكال بعد ملاحظة المرتكزات العرفية في أن امتناع اجتماع الحكمين مع التطابق بين العنوانين وكون النسبة بينهما التساوي ليس لخصوص محذور التكليف بما لا يطاق ، لعموم الامتناع لما إذا أمكن الجمع بين الحكمين