عليها لولاها ، ولا يكفي تحققها واقعا مع عدم اهتمام المكلف بها وكونه بحيث يخالف المولى على كل حال ، لعدم اهتمامه بمخالفته والتمرد عليه ، وإلا وقعت تمردا وكانت مانعة من التقرب وإن لم يكن التكليف بها فعليا ، بل وإن وقعت موردا للأمر ، كما في المقام ، لأن التقرب بالأمر فرع الانقياد للمولى ، فلا يقع ممن هو بفعله في مقام التمرد عليه والاستهانة به.
وبالجملة : إذا التفت المكلف إلى سقوط الحرمة عن المجمع بسبب الاضطرار وفعلية الوجوب له ، وكان داعيه إلى الفعل هو الوجوب المذكور ، والانقياد للمولى بموافقته ، تم منه التقرب المعتبر في العبادة وصحت منه ، وإن كان معاقبا بلحاظ حصول سبب الاضطرار بسوء اختياره على المولى بفعل السبب المذكور.
وأظهر من ذلك ما لو حصلت التوبة الماحية للذنب ، بأن ندم المكلف على ما كان منه وأقلع عنه وعزم على عدم الرجوع اليه ، حيث لا فرق بين الاضطرار حينئذ والاضطرار بسوء الاختيار في إمكان التقرب بالأمر بلا إشكال.
وعليه يبتني تفصيل سيدنا الأعظم قدّس سرّه في مستمسكه في صحة الصلاة بين التوبة وغيرها قال : «ويظهر من الجواهر أن التوبة إنما يترتب عليها الأثر إذا كانت بعد الفعل لا قبله. ولكنه غير ظاهر في مثل الغرض ، أعني ما لو فعل ما هو علة تامة في الوقوع في المعصية».
وما ذكره قدّس سرّه في محلّه ، بل حتى لو تم ما في الجواهر ، وغض النظر عما تقدم ـ من أن منشأ استحقاق للعقاب هو إيقاع النفس في الاضطرار السابق على التوبة ـ فهو مختص بأثر التوبة الراجع للشارع الأقدس ، وهو رفع العقاب دون مثل التقرب من الآثار التكوينية النفسية الوجدانية ، حيث لا إشكال في إمكانه مع التوبة في الفرض ، لارتفاع حالة التمرد المانعة منه معها ، وإن لم تكن التوبة مسقطة للعقاب في الفرض أو مطلقا. فلاحظ. والله سبحانه وتعالى العالم.