الرابع والعشرين من ذى القعدة ، وأظهر يوم السبت الخبر وشاع بين الناس وقعدوا للعزاء ، وكثر النوح والبكاء ببغداد عليه وعلى الذين قتلوا معه من أصحابه رحمهالله.
قرأت في كتاب «التاريخ» لصدقة بن الحسين بن الحداد الفقيه بخطه قال : كان الإمام ـ يعنى المسترشد ـ قد صلى الظهر وهو يقرأ في المصحف ، وهو صائم يوم الخميس سادس عشري ذى القعدة ، دخل عليه من شرج الخيمة جماعة من الباطنية بأيدهم السكاكين ، فتعلقوا به وقتلوه ضربا بالسكاكين ، فوقعت الصيحة ، فقتل عليه جماعة من أصحابه ؛ منهم : أبو عبد الله ابن سكينة وابن الخزري ، وخرجوا منهزمين. فأخذوا عن آخرهم فقتلوا ، ثم أضرموا فيهم النار ، فبقيت يد أحدهم لم تحترق وهي خارجة من النار مضمومة ، كلما ألقوا النار عليها وهي لا تحترق ، ففتحوا [يده] (١) فإذا فيها شعرات من كريمته صلوات الله عليه ، فأخذها السلطان مسعود وجعلها في تعويذ ذهب ، ثم إن السلطان جلس في العزاء ، وخرج الخادم ومعه المصحف ، وعليه الدم إلى السلطان ، وخراج أهل المراغة وعلى وجوههم المسوح ، وعلى وجوههم الرماد الصغار والكبار وهم يستغيثون ، ودفنوه عندهم في مدرسة أحمد ، وبقي العزاء في مراغة فرضياللهعنه حيا وميتا ، فإنه عاش سعيدا ومات شهيدا ، وكانت مدة خلافته ثمان عشرة سنة وستة أشهر.
أنبأنا النقيب قثم بن طلحة أبو القاسم الزينبي ـ ونقلته من خطه ـ قال : كان المسترشد أشقر أعطر أشهل خفيف العارضين ، وكان له من الذكور : أبو جعفر منصور الراشد [بالله] وأبو العباس أحمد وأبو القاسم عبد الله وإسحاق توفى حياته ، وابنتان ، ووزراء : ربيب الدولة محمد بن الحسين نيابة عن أبيه وأبو على ابن صدقة وعلى بن طراد وأنو شروان بن خالد ، وقضاته : أبو الحسن على بن محمد الدامغاني وعلى بن الحسين الزينبي ، وحجابه : ابن المعوج وابن السقلام وابن الصاحبى.
من أهل نيسابور ، سمع الكثير من أبى عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمى وأبى بكر أحمد بن الحسن الحيرى وأبى سعيد محمد بن موسى الصيرفي والحاكم أبى الحسن
__________________
(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(٢) انظر ترجمته في : التقييد ٢ / ٢١٩.