القاسم لا تسمع هذا الكلام ولا تعول عليه فتهلك ، واعلم أن البخل خير من مسألة البخيل.
قال : وكنت عنده في آخر كونه ببغداد وقبل دخول الديلم إياها وبحضرته قوم يطعنون على الشهود ويعيبونهم فقال له سلامة : ما رأيت أعجب من أمركم ، من فيكم يطمئن إلى أن يشترى من ابنه أو أخيه ضيعة بعشرة آلاف دينار ولا يشهد عليه العدول؟ فقالوا : ما فينا أحمد بهذه الصورة ، فقال : أفتستظهرون بأنفسكم وأعقابكم في هذا القدر الكبير من المال ، وما هو أكبر منه إلا بالشهادة وتعاطون بحظوظهم في جلد يساوى دانق فضة من ذلك المال العظيم حتى تأخذون الصك بدلا من المال فتجعلونه تحت رءوسكم لشدة حفظه ، قالوا : نعم ، قال : فمن كان هذا حكمه عندكم لم تطعنوا فيه.
قرأت في كتاب «التاريخ» لهلال بن المحسن الكاتب بخطه قال : وفي يوم السبت الرابع عشر من ذى الحجة يعنى من سنة ثمان وستين وثلاثمائة توفى أبو القاسم عمر ابن حسان القاضي الشاهد.
من أهل الغراف ، وكان من الشهود المعدلين بها ، وكان المظفر بن حماد بن أبى الخير ملك البطيخة يثق إليه ويعتمد في أشغاله عليه ، وكان أديبا فاضلا ، له النثر والنظم ، قدم بغداد في سنة إحدى وستين وخمسمائة ، روى بها شيئا من شعره.
كتب إلى أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الكاتب ونقلته من خطة قال : أنشدنى عمر بن الحسن بن الباسيسى لنفسه ببغداد من من قصيدة :
إن داء أتى في أرض بغداد قد |
|
أشفيت فيها لم ألق من يشفيني |
فلو أنى نحو عالج أو يبرين |
|
وافى معالج أو يبرين |
وأنشدنى لنفسه في اللغز بالجلالة :
ما ذات رأسين أنثى |
|
بغير رأس صغيره |
رشيقة قد براها |
|
الباري فجاءت قصيره |
تلازم الخدر |
|
إلا وفى وجيه للعشيره |
فتنثنى بعد أسر |
|
على الثنايا مغيرة |