وذبح البقر والغنم ، وتصدق بها على الفقراء والخدّام ، ووضع الأساس المبارك بإعانة الله تعالى ، وكان يوما [مشهودا](١) مباركا ، ولله الحمد على هذا الإكرام.
وكانت الأساطين قبل هذه العمارة مبنية على نسق واحد في جميع الأروقة ، فظهر لهم أن ذلك الوضع لا يقوى على تركيب القبب عليها ؛ لقلة استحكامها ، إذ القبة لا تكون قوية إلا بحيث يكون لها دعائم أربعة قوية تحملها من جوانبها الأربع ، فرأوا أن يدخلوا بين أساطين الرخام دعائم أخر تبنى من الحجر الصوان والشميسي يكون سمك كل دعامة من تلك الدعائم أربع أسطوانات من الرخام [ليكون مدعّما](٢) لها من جوانبها الأربع فتقوى [على](٣) تركيب القبب من فوقها ، ويكون كل صف من أساطين الأروقة في غاية الزينة والقوة.
ففي أول ركن من الرواق الأول دعامة مبنية من الحجر الصوان المنحوت والشميسي ، ثم أسطوانة رخام ، ثم أخرى ، ثم أخرى ، وبين الأساطين والدعائم عقود ، وهكذا إلى آخر الصف الأول ، ثم الثاني ، ثم الثالث ، وهكذا في جميع الأروقة.
وشرعوا من ركن المسجد الذي هو من جهة باب السلام ، وقاسوا تلك الصفوف بخيوط مستوية حتى صار الصف في غاية الاستواء ، فكان في إدخال هذه الدعائم بين أساطين الرخام حكمة أخرى غير الاستحكام
__________________
(١) في الأصل : مشهورا. والتصويب من الإعلام (ص : ٣٩٤).
(٢) في الأصل : لتكون مقيما. والتصويب من المرجع السابق.
(٣) قوله : على ، زيادة من الإعلام (ص : ٣٩٥).