والطالح ، كما يدل عليه سياق الكلام الذي هو في معرض الامتنان. وهذا الفضل لا يشاركهم فيه أحد ، وهم يشاركون الناس في أعظم الأمور ، مثل الإسلام والحج ، فالواحد منهم عند مسقط رأسه بالأرض إلى حين وفاته يحج البيت إذا كان مقيما ، وفي حال صغره يحرم عنه وليه ، وهذا لا يتأتّى غالبا إلا للمكي ، خصوصا إذا خص أحدهم بزيادة فضيلة نحو العلم والورع والزهد فبخ بخ ، فإن كان قرشيا واجتمعت فيه هذه الفضائل فلا كلام في زيادة فضله. انتهى.
في خلاصة الأثر : أنه لما تزايد ظلم الأروام (١) بمكة ، فكتب في ذلك وسافر بها الشيخ أحمد الرهمتوشي ، فلما وصل إلى حلب سمع هاتفا يقول : إذا نحن شئنا ... إلخ الأبيات الآتية.
وعن بعض السلف : أنه رأى بمكة ما لا يرضيه من سفهائها ، فأنكر ذلك واضطراب فيه فكره ، فلما كان الليل رأى بمكة قائلا ينشد هذه الأبيات :
إذا نحن شئنا [لا](٢) يدبر ملكنا |
|
سوانا ولم نحتج مشيرا يدبّر |
فقل للذي قد [رام ما لا نريده](٣) |
|
وأتعب نفسا بالذي يتعذّر |
لعمرك ما التصريف إلا لواحد |
|
ولو شاء لم يظهر بمكة منكر |
انتهى منائح الكرم (٤).
وجاء في الأثر : إن الله تعالى ينظر كل ليلة إلى أهل الأرض ، فأول ما ينظر إلى أهل الحرم ، وأول ما ينظر إلى أهل المسجد الحرام ؛ فمن رآه طائفا
__________________
(١) المقصود : الأتراك الموجودون بمكة المكرمة.
(٢) في الأصل : فلا ، وقد صوّبناه ليستقيم الوزن الشعري.
(٣) في الأصل : رأى ما لا يريده. والتصويب من منائح الكرم (٢ / ١٨٩).
(٤) في الأصل : الكرام. وانظر الخبر في : منائح الكرم (٢ / ١٨٩).