سادس وعشرين ربيع الثاني من سنة أربعين كما فصلنا سابقا ، وتوفي الشريف مسعود ليلة الثلاثاء ثامن وعشرين من ربيع الثاني سنة أربعين ببستانه بالمعابدة بمرض الدق (١) ، ودفن عند السيدة خديجة الكبرى رضياللهعنها. وكانت مدة ولايته سنة وشهرين وستة وعشرين يوما (٢).
وولي سلطنة مكة ، وقام بعده الشريف عبد الله بن الحسن بن أبي نمي صاحب مكة ، كان سيدا جليلا عظيما صالحا ، ولي مكة بعد ابن أخيه الشريف مسعود ، وهو أكبر آل أبي نمي (٣) بالاتفاق من الأشراف وأمراء السلطان ، وكان قد تخلف عن الجنازة لذلك بعد أن امتنع من القبول ، فألزموه لذلك حقنا للدماء ، وما زالوا به حتى رضي ، وحصل بولايته الأمن والأمان ، وكان الاجتماع لذلك في السبيل المنسوب لمحمد بن مزهر كاتب السر (٤) الكائن في جهة الصفا ، واستمر إلى أن حج بالناس سنة أربعين وألف ، ثم خلع نفسه في المحرم سنة إحدى وأربعين وألف من الولاية ، وولى ولده الشريف محمد وأشرك معه زيد بن محسن ، وتوجه إلى
__________________
(١) الدق : الحمى. (اللسان ، مادة : دقق).
(٢) خلاصة الأثر (٤ / ٣٦١ ـ ٣٦٢).
(٣) آل أبي نمي : ينتسبون إلى قتادة بن إدريس بن مطاعن بن سليمان ، من ولد موسى الجون بن عبد الله المحض بن الحسن بن الحسن ابن الحسن بن علي بن أبي طالب (انظر : معجم الأنساب والأسرات الحاكمة في التاريخ الإسلامي ص : ٣١ ـ ٣٣).
(٤) كاتب السر : وهو صاحب ديوان الإنشاء. ويطلق عليه العامة كاتم السر ؛ لأنه يكتم سر الملك ، ومن مهماته : التوقيع على القصص على القصص بدار العدل وغيرها ، وتلقي أخبار الممالك وعرضها على السلطان وتولي الإجابة عنها ، وتعريف النواب في الوصايا ، وعليه أيضا النظر في تجهيز البريد والنجابة ، وما يبعث فيه من المصالح ، وكذلك معرفة حقوق ذوي الخدمة والنصيحة وإجرائهم في رسوم الرواتب وعوائد البر والاحسان ، والنظر في أمر الدبادب والكشافة والنظارة والمناور والمحرقات وأبراج الحمام وصرف نظره إلى رسل الملوك الواردة ، وأن يستكتب في ديوانه من علم صلاحه لذلك (انظر : صبح الأعشى ١ / ١٤٥ ـ ١٦٥ ، والتعريف بمصطلحات صبح الأعشى ص : ٢٨٢).