بكتابي ، فإنكم تكونون منسجمين مع القاعدة الكلية التي وضعتها لكم : (فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ،) وإن لم تكونوا كذلك تكونوا قد وقعتم فيما تهددكم الله به : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ،) ومع أننا قلنا ما فيه الكفاية في تبيان الصلة بين قصة آدم وما قبلها فإننا نؤثر أن نزيد الأمر وضوحا بذكر بعض الملاحظات :
١ ـ جاءنا في المقطع الأول أمر ونهي ، وجاءت قصة آدم لتبين لنا عاقبة الأمر والنهي ، وتدلنا على الطريق الذي ينبغي أن نسلكه إذا واقعنا المعصية.
٢ ـ عرفنا في المقطع الأول أن سر الضلال هو نقض العهود ، وقطع ما أمر الله به أن يوصل والإفساد في الأرض ، وعلمتنا قصة آدم أن الإفساد في الأرض يتنافى مع حكمة خلقنا ، كما عرفتنا أن الأسباب الأولى للضلال تكمن في الكبر والحسد والشهوة والحرص.
٣ ـ عرفنا في المقطع الأول أن الأرض قد خلقت لنا ، وعرفنا في المقطع الثاني بعض أسرار استخلافنا في الأرض.
٤ ـ وفي تذكير الله عزوجل إيانا بكمال النعمة علينا ، إذ خلقنا لنكون خلفاء له في الأرض بإعطائنا كمال الاستعداد للتعلم الذي نستطيع به أن نقوم بمقتضيات الخلافة ، تهييج لنا على الطاعة فيما سبق ذكره وإبعاد لنا عن المعاصي التي سبق ذكرها.
٥ ـ وإذا كانت مقدمة سورة البقرة قد ذكرت متقين وكافرين. فقصة آدم عمقت لدينا قضية التقوى ، وأفهمتنا قضية الكفر.
٦ ـ وكان ذلك كله تعميقا لقضية السير في الصراط المستقيم وتنكب صراط المغضوب عليهم والضالين.
وصلات ذلك كله بما مر من قبل لا تخفى.
فلننتقل إلى المقطع الثالث من مقاطع القسم الأول من أقسام سورة البقرة.