٢
وفي عصرنا طرحت كثير من الأمور نفسها بشكل حاد ، فأصبح لا بد من إجابة شافية كاملة عنها ، واختلط الأمر واختلطت الإجابات ، فكان لا بد من عملية تمييز شاملة كاملة للإجابة الصحيحة من ناحية ، وللتوضيح من ناحية أخرى ، وإذا كانت نصوص الإسلام هي الإجابة الشاملة والكاملة على كل قضية تخطر ببال الإنسان ، وهي التي من خلالها يتم التمييز الشامل الكامل ، فإن هذه النصوص لا بد أن تفهم في إطارها الصحيح لتعطي الجواب ، ويتم التمييز ويكون الوضوح. إن كل تساؤل حاد لا يحتمل عصرنا تأخير الإجابة عليه أو السكوت عنه ، وإجابة شاملة على كل الأمور لن تتم إلا من خلال عرض شامل لكل النصوص لأن الله عزوجل جعل كتابه تبيانا لكل شىء (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ) وبدون السنة التي هي بيان للقرآن ، لا يتم البيان قال تعالى (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ.) وبدون علم الأصول لا يستطيع الإنسان أن يضع الأمور في مواضعها.
٣
وفي عصرنا انطلق كل شىء من عقاله بحرية كاملة دون أي التزام مسبق في الظاهر كما رأينا. ولكن الأمر العجيب أن كل شىء يخدم قضية الحق أبعد لصالح الهوى ، وكل شىء يخدم قضية اليقين أبعد لصالح الظنون. وكل ذلك يعطى صفة علمية يتم الإيهام بأنها قطعية ، وهي باطل في جوهرها.
فعلى سبيل المثال : لقد انطلق علم الجيولوجيا والبيولوجيا والمستحاثات وغير ذلك من العلوم ، وبدأت الحفريات عن الآثار وعن غيرها للوصول إلى حقائق ، فإذا جاءت النتائج تؤيد النصوص الدينية استبعدت ، وإذا جاءت لغير صالح نوع من النصوص الدينية المحرفة تبنيت وحمل بسببها على كل دين ، حتى ولو كانت نصوصه لا تتناقض مع هذه المكتشفات ، وأصاب الإسلام من ذلك الكثير.
نجد مثلا دارسي التاريخ الفرعوني في مصر يرجحون أن جثة فرعون الذي عاصر موسى موجودة حتى الآن. والقرآن يذكر النجاة البدنية لفرعون من الغرق مع إثباته الغرق. وفي ذلك دليل على أن القرآن هو الذي أعطى الجواب الكامل الصحيح على هذا