(رَبِّ الْعالَمِينَ) الرب هو المالك ومنه قول صفوان بن أمية : «لأن يربني رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن» ولا يطلق إلا على الله وحده وهو في العبيد مع التقييد (إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ قالَ ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ) (سورة يوسف) قال الواسطي في تفسير كلمة الرب : (هو الخالق ابتداء والمربي غذاء والغافر انتهاء وهو اسم الله الأعظم) والعالم هو كل ما سوى الله تعالى لأنه علم على وجود ربنا تعالى ، إذ يعرف الخالق بما خلق. (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) مر الكلام عليهما.
(مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) يوم الدين هو يوم الجزاء ولذلك قالوا : كما تدين تدان أي كما تفعل تجازى ، والله تعالى مالك الأمر كله في يوم الدين وغيره ، وإنما كان التخصيص بيوم الدين لأن الأمر فيه لله وحده (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ).
هذه الأوصاف التي أجريت على الله سبحانه وتعالى من كونه ربا للعالمين ومنعما بالنعم كلها ومالكا للأمر كله يوم الثواب والعقاب بعد الدلالة على اختصاص الحمد به في قوله : الحمد لله دليل على أن من كانت هذه صفاته لم يكن أحد أحق منه بالحمد والثناء عليه.
(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) العبادة هي أقصى غاية الخضوع والتذلل ، والاستعانة هي طلب المعونة ، وتقديم (إِيَّاكَ) على (نَعْبُدُ) و (نَسْتَعِينُ) لقصد الاختصاص فيكون المعنى : نخصك بالعبادة ونخصك بطلب المعونة.
(اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) أي ثبتنا على المنهاج الواضح أو اهدنا في الاستقبال كما هديتنا في الحال ، والصراط هو الطريق والمراد : طريق الحق وهو ملة الإسلام ، والمستقيم هو الذي لا عوج فيه.
(صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) أي صراط المسلمين ، وفائدة تكرار كلمة الصراط مع هذه الزيادة التأكيد والإشعار بأن الصراط المستقيم هو صراط المسلمين ليكون ذلك شهادة لصراط المسلمين بالاستقامة على أبلغ وجه وآكده ؛ والذين أنعم الله عليهم هم مجموع من ذكرهم الله بقوله : (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) (سورة النساء) وإذن فهم المؤمنون الكاملون (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) يعني : أن المنعم