ريبة الإمام في الكتب وأصحابها
لكنّ الذي يلوح الناظر في كلماته وكتاباته عليهالسلام هو الريب في تلك الكتب وأصحابها ... فقد رأينا قوله لأخيه محمّد : «إنّ القوم إنّما يريدون أنْ يأكلوا بنا ويستطيلوا بنا ...».
ومن العجيب : أنّ هذا الذي قاله عليهالسلام لأخيه في المدينة وعلى عهد معاوية ، قد سمعه في طريقه إلى العراق من بعض القادمين من الكوفة لمّا سأل عن أهلها ، فقد أجاب الإمامَ بقوله : «أمّا الأشراف ، فقد عظمت رشوتهم ... وما كتبوا إليك إلّاليجعلوك سوقاً ومكسباً ...» (١).
وما زال الإمام عليهالسلام في ريب ممّا وصلته من الكتب وجاءه من الرسل ، حتّى إنّه لمّا بعث إليهم ابن عمّه مسلم بن عقيل ، كتب إلى أهل الكوفة كتاباً يدلّ دلالة واضحةً على عدم وثوقه بهم وبالكتب التي أتته من قبلهم ، فقد كتب إليهم : «وإنّي باعث إليكم أخي وابن عمّي وثقتي من أهل بيتي ، فإنْ كَتبَ إليَّ بأنّه قد اجتمع رأي مَلَئكم وذوي الحجى والفضل منكم على مثل ما قَدمَتْ به رسلكم وقَرأتُ في كتبكم ، أقدمُ عليكم وشيكاً إن شاء الله ...» (٢).
وروى ابن سعد ـ صاحب «الطبقات» ـ ، بإسناده عن يزيد الرشك (٣) ، قال : «حدّثني مَن شافه الحسين ، قال : إنّي رأيت
__________________
(١) انظر : البداية والنهاية ٨ / ١٣٩ حوادث سنة ٦١ ه ، الحسين والسُنّة : ٥٨
(٢) الإرشاد ٢ / ٣٩ ، وانظر : بحار الأنوار ٤٤ / ٣٣٤
(٣) هو : أبو الأزهر البصري ، يزيد بن أبي يزيد ، الضبعي ولاءً ، المعروف بالرَّشك ،