قريش إنصاف العرب لها ، إنّهم أخذوا هذا الأمر دون العرب بالانتصاف والاحتجاج ، فلمّا صرنا أهل بيت محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وأولياءه إلى محاجّتهم ، وطلب النصَف منهم باعدونا واستولوا بالإجماع على ظلمنا ومراغمتنا والعنت منهم لنا ، فالموعد الله ، وهو الوليّ النصير.
ولقد كنّا تعجّبنا لتوثّب المتوثّبين علينا في حقّنا وسلطان نبيّنا ، وإنْ كانوا ذوي فضيلة وسابقة في الإسلام ، وأمسكنا عن منازعتهم مخافةً على الدين أن يجد المنافقون والأحزاب في ذلك مغمزاً يثلمونه به ، أو يكون لهم بذلك سبب إلى ما أرادوا من إفساده!
فاليوم فليتعجّب المتعجّب من توثّبك يا معاوية على أمر لستَ من أهله ، لا بفضل في الدين معروف ، ولا أثر في الإسلام محمود ، وأنت ابن حزب من الأحزاب ، وابن أعدى قريش لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولكتابه! والله حسيبك ، فستردّ فتعلم لمن عقبى الدار ، وبالله لتلقينّ عن قليل ربّك ، ثمّ ليجزينّك بما قدّمت يداك وما الله بظلّام للعبيد.
إنّ عليّاً لمّا مضى لسبيله ، رحمة الله عليه يوم قبض ويوم مَنَّ الله عليه بالإسلام ويوم يبعث حيّاً ، ولّاني المسلمون الأمر بعده ، فأسأل الله ألّا يؤتينا في الدنيا الزائلة شيئاً ينقصنا به في الآخرة ممّا عنده من كرامة.
وإنّما حملني على الكتابة إليك الإعذار في ما بيني وبين الله عزوجل في أمرك ، ولك في ذلك إنْ فعلته الحظّ الجسيم والصلاح للمسلمين ، فدع التمادي في الباطل وادخل في ما دخل فيه الناس من بيعتي ، فإنّك تعلم أنّي أحقّ بهذا الأمر منك عند الله وعند كلّ أوّاب حفيظ ومَن له قلب منيب.