واتّق الله ودع البغي واحقن دماء المسلمين ، فوالله ما لك خير في أن تلقى الله من دمائهم بأكثر ممّا أنت لاقيه به.
وادخل في السلم والطاعة ، ولا تنازع الأمر أهله ومن هو أحقّ به منك ، ليطفئ الله النائرة بذلك ، ويجمع الكلمة ، ويصلح ذات البين.
وإنْ أنت أبيت إلّاالتمادي في غيّك ، سرتُ إليك بالمسلمين ، فحاكمتك ، حتّى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين» (١).
وهكذا توالت الكتب والرسائل ، حتّى تحرّك معاوية نحو العراق في جيش يبلغ الستّين ألفاً (٢) ، وخرج الإمام الحسن عليهالسلام لمواجهته ، وقد كان من رجال عسكره : حجر بن عديّ ، وعديّ بن حاتم ، وقيس بن سعد بن عبادة ، وسعيد بن قيس ، ومعقل بن قيس الرياحي ، وزياد بن صعصعة ، وعبيد الله بن العبّاس بن عبد المطّلب.
واستخلف على الكوفة المُغِيْرَةَ بن نوفل بن الحارث بن عبد المطّلب.
ووجَّه إلى الشام عبيد الله ومعه قيس بن سعد في اثني عشر ألفاً.
وسار حتّى إذا وصل عليهالسلام قرب المدائن ، أراد أن يمتحن أصحابه ويستبرئ أحوالهم في الطاعة له ، ليتميّز بذلك أولياؤه من أعدائه ، ويكون على بصيرة في لقاء معاوية وأهل الشام ، فأمر أن ينادى في الناس بالصلاة جامعة ، فاجتمعوا ، فصعد المنبر فخطبهم ، فقال :
«الحمد لله كلّما حمده حامد ، وأشهد أن لا إله إلّاالله كلّما شهد له
__________________
(١) انظر : مقاتل الطالبيّين : ٦٤ ـ ٦٦ ، شرح نهج البلاغة ١٦ / ٣٣ ـ ٣٤
(٢) شرح نهج البلاغة ١٦ / ٢٦