درهم ، وجند من أجناد الشام ، وبنت من بناتي (١).
أمّا عبيد الله بن العبّاس ، فقد فرّ إلى معاوية ، وتفرّق الجيش ولم يبق مع قيس بن سعد إلّاأربعة آلاف ، فخطبهم وثبّتهم ، فكايده معاوية بشتّى الوسائل ، حتّى إنّه زوّر عليه رسالةً زعم أنّه أرسلها إليه ، وفيها قبول الصلح والبيعة ، فلم يؤثّر في قيس شيء من ذلك.
فكتب معاوية إلى قيس بن سعد يدعوه ويمنّيه.
فكتب إليه قيس : لا والله لا تلقاني أبداً إلّابيني وبينك الرمح.
فكتب إليه معاوية حينئذ لمّا يئس منه : أمّا بعد ، فإنّك يهودي ابن يهودي ، تشقي نفسك وتقتلها في ما ليس لك ، فإن ظهر أحبّ الفريقين إليك نبذك وغدرك ، وإن ظهر أبغضهم إليك نكَّل بك وقتلك ، وقد كان أبوك أوتر غير قوسه ، ورمى غير غرضه ، فأكثرَ الحزَّ ، وأخطأ المفصل ، فخذله قومه ، وأدركه يومه ، فمات بحوران طريداً غريباً ؛ والسلام.
فكتب إليه قيس بن سعد : أمّا بعد ، فإنّما أنت وثن ابن وثن ، دخلت في الإسلام كرهاً ، وأقمت فيه فَرَقاً ، وخرجت منه طوعاً ، ولم يجعل الله لك فيه نصيباً ، لم يَقْدُمْ إسلامك ، ولم يحدث نفاقك ، ولم تزل حرباً لله ولرسوله وحزباً من أحزاب المشركين ، وعدوّاً لله ولنبيّه وللمؤمنين من عباده.
وذكرتَ أبي ، فلعمري ما أوتر إلّاقوسه ، ولا رمى إلّاغرضه ، فشغب عليه مَن لا يشقّ غباره ولا يبلغ كعبه!
وزعمتَ أنّي يهودي ابن يهودي ، وقد علمت وعلم الناس أنّي وأبي
__________________
(١) علل الشرائع ١ / ٢٥٩ ب ١٦٠