ثمّ تساند وجلس إلى الحائط ، فبعث عمرو بن حريث مولاه سليمان فجاءه بقلّة ، وبعث عمارة غلامه قيساً فجاءه بقلّة عليها منديل ، فصبّ له ماءً بقدح ، فأخذ كلّما شرب امتلأ القدح دماً من فمه ، حتّى إذا كانت الثالثة سقطت ثنيّتاه في القدح فقال : الحمد لله ، لو كان من الرزق المقسوم لي لشربته.
ولمّا أدخلوه على عبيد الله لم يسلّم عليه بالإمرة ، فقال له الحرسي : ألا تسلّم على الأمير؟!
فقال : إن كان يريد قتلي فما سلامي عليه؟!
فقال له ابن زياد : لعمري لتقتلنّ.
قال : فدعني أُوصي بعض قومي.
قال : افعل.
فنظر مسلم رضي الله عنه إلى جلساء عبيد الله وفيهم عمر بن سعد ابن أبي وقّاص ، فقال : يا عمر! إنّ بيني وبينك قرابة ، ولي إليك حاجة ، وهي سرّ.
فامتنع عمر أن يسمع منه ، فقال له عبيد الله : لِم تمتنع أن تنظر في حاجة ابن عمّك؟!
فقام معه فجلس حيث ينظر إليهما ابن زياد ، فقال له : إنّ علَيَّ بالكوفة سبعمائة درهم ، فبع سيفي ودرعي فاقضها عنّي ، وإذا قتلت فاستوهب جثّتي من ابن زياد فوارها ، وابعث إلى الحسين عليهالسلام من يردّه ، فإنّي كتبت إليه وأعلمته أنّ الناس معه ، ولا أراه إلّامقبلاً ومعه