فرأى من تباشرهم بالحسين ما ساءه ، فقال مسلم بن عمرو لمّا أكثروا : تأخَّروا! هذا الأمير عبيدُ الله بن زياد.
وسار حتّى وافى القصر في الليل ، ومعه جماعةٌ قد التفُّوا به لا يشكُّون أنّه الحسين عليهالسلام ، فأغلق النعمان بن بشير عليه وعلى حامّته ، فناداه بعض من كان معه ليفتح لهم الباب ، فاطّلع إليه النعمان وهو يظنّه الحسين فقال : أنشدك الله إلّاتنحّيت ، والله ما أنا مسلّمٌ إليك أمانتي ، وما لي في قتالك من أَرَبٍ.
فجعل لا يكلّمه ، ثمّ إنّه دنا وتدلّى النعمان من شَرَفٍ فجعل يُكلّمه ، فقال : افتح لا فتحت ، فقد طال ليلك!
وسمعها إنسان خلفه فنكص إلى القوم الّذين اتّبعوه من أهل الكوفة على أنّه الحسين فقال : أي قوم! ابن مرجانة والّذي لا إله غيره.
ففتح له النعمان ودخل ، وضربوا الباب في وجوه الناس فانفضّوا.
وأصبح فنادى في الناس : الصلاةُ جامعةٌ ؛ فاجتمع الناس ، فخرج إليهم فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال :
أمّا بعد ، فإنّ أمير المؤمنين ولّاني مصركم وثغركم وفيئكم ، وأمرني بإنصاف مظلومكم وإعطاء محرومكم ، والإحسان إلى سامعكم ومُطيعكم كالوالد البرِّ ، وسوطي وسيفي على من ترك أمري وخالف عهدي ، فليُبق امرؤ على نفسه ؛ الصدق ينبي عنك لا الوعيد.
ثمّ نزل ، فأخذ العُرفاءَ والناسَ أخذاً شديداً فقال : اكتبوا إلى العُرفاء ومن فيكم من طلبة أمير المؤمنين ، ومَن فيكم من الحروريّة وأهل الريب ، الّذين رأيهم الخلافُ والشِّقاق ، فمن يجيء بهم لنا فبريء ، ومن لم يكتب