أمّا في الوصف الأوّل ، فقد اعترف ابن تيميّة ـ أيضاً ـ اعترافاً ضمنيّاً بما ذكرناه ، وإنّما قال في وجه توصيف معاوية به أنّه : «صار أقوام يجعلونه كافراً أو فاسقاً ، ويستحلّون لعنه ونحو ذلك ، فاحتاج أهل العلم أن يذكروا ما له من الاتّصال برسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ليُرعى بذلك حقّ المتّصلين» (١).
هذا غاية ما عند القوم.
وهو مردود بأنّ من كفّر معاوية ولعنه ، إنّما تأسّى في ذلك برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، واتّبع كبار السادة في الإسلام ، وذلك نفي للاتّصال برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وهو منقوض ـ أيضاً ـ بأنّه إذا صحَّ أن يكون إخوة أزواج النبيّ أخوالاً للمؤمنين ، فمحمّد بن أبي بكر ـ الذي هو أخ أفضل أزواجه عند القوم ، وهو أفضل من معاوية قطعاً ـ أحقّ بأنْ يوصف بالوصف المذكور ، ويُراعى حقّ اتّصاله برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، على رغم أنف من رَغم.
وأمّا في الوصف الثاني ، فإنّ معاوية لم يكتب من الوحي حرفاً واحداً ، حتّى إنّ ابن تيميّة ـ ونصبه معروف ـ لم يدّع ذلك ، وإنّما قال : «فما الدليل على أنّه لم يكتب له كلمةً واحدةً من الوحي ؛ وإنّما كان يكتب له رسائل؟!» (٢).
وهذا كلام جاهل بأُصول البحث والتحقيق كما لا يخفى على أهله ...
والذي في «كتاب مسلم» ، في حديث طلب أبي سفيان من النبيّ
__________________
(١) منهاج السُنّة ٤ / ٣٧٢
(٢) منهاج السُنّة ٤ / ٤٢٧