السَّبِيلِ) [غافر : ٣٦ ـ ٣٧]، مما يوحي بأنه ينظر إليه كإله منافس ، فهو يثير مسألته من هذا الجانب استغرابا لوجود إله غيره ، أو لطرح عبادة رب سواه في المنطقة التي يسيطر عليها.
(قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ) فهو الرب المسيطر على الكون كله الذي لا بد من أن يعبده الجميع من موقع عبوديتهم له ، وليس لأحد أن يدّعي الربوبية لنفسه معه. فإذا كان كل واحد يدير منطقته ، فهل يعقل أن لا يوجد هناك من يخلق الكون وما فيه ويديره؟ فهل وجد الكون صدفة؟ وهل هو ذرّة ضائعة في الفراغ؟ أما قوله : (إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ) فقد يكون إشارة إلى ما قد يختزنونه في داخلهم بأن للسماوات والأرض وما بينهما ربا ، ولكنهم غافلون عنه بالاستغراق في آلهة الأرض ، فأراد أن يقول لهم بأن رب العالمين الذي أدعوكم إلى الإيمان به وإلى عبادته من خلال رسالتي التي أحملها إليكم منه ، هو رب السماوات والأرض وما بينهما ، الذي توقنون به ، فكيف توقنون بهذا وتنكرون ذاك؟!
ويعلق السيد الطباطبائي على هذه الآية في تفسير الميزان فيقول : «وقوله (قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ) جواب موسى عليهالسلام عن سؤاله : (وَما رَبُّ الْعالَمِينَ) وهو خبر لمبتدأ محذوف ، ومحصّل المعنى ، على ما يعطيه المطابقة بين السؤال والجواب : هو (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا) التي تدل بوجود التدبير فيها ، وكونه تدبيرا واحدا متصلا مرتبطا ، على أن لها مدبرا ـ ربا ـ واحدا على ما يراه الموقنون السالكون سبيل اليقين من البرهان والوجدان.
وبتعبير آخر : مرادي بالعالمين السماوات والأرض وما بينهما التي تدل بالتدبير الواحد الذي فيها على أن لها ربا مدبرا واحدا ، ومرادي برب العالمين ، ذلك الرب الواحد الذي تدل عليه ، وهذه دلالة يقينيّة يجدها أهل اليقين الذين