عنصر التهويل والإثارة ومواجهة المسألة على أنها حالة سحر ، لأنها تشبه ألا عيب السحرة ، لتكون شخصية موسى ـ في نظرهم ـ شخصية الساحر لا شخصية الرسول ، وبذلك يأخذ حجمه المحدود في نظرهم ، فلا يترك أيّ أثر إيجابي على مستوى القداسة الروحية من خلال الرسالة مما قد يؤثر سلبا على علاقة الناس بفرعون.
ثم حاول أن يثير هؤلاء الجالسين حوله ، من خلال خطورة الخطة التي تستهدف إخراجهم من أرضهم بالسيطرة عليها بواسطة سحره الذي يتميز بقدرات غير مألوفة ، الأمر الذي يفرض التفكير في الأمر بطريقة جدية توحي بالاهتمام في مستوى الخطر ، وهذا ما توحي به الآية التالية : (يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَما ذا تَأْمُرُونَ) وتشيرون به عليّ ، حتى نتفق على الخطة المضادة التي تهزم خطته وتبطل سحره؟ ولعلّ في التعبير بالأمر الصادر منهم إليه ، نوعا من الإيحاء بالتنازل الذي يستهدف الوصول الذي تأييدهم بشكل يستوعب ذواتهم ، في ما يرفع منزلتهم عنده.
(قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ* يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ) فإن السحر لا يبطله إلا السحر ، وإذا كان موسى ينطلق من خلال شخصية الساحر في موقعه ، فهناك أكثر من ساحر لدينا ممن يملك علم السحر بالمستوى الرفيع ، فلنمهل موسى وأخاه مدة من الزمن من دون اتخاذ أي إجراء سلبيّ بحقهما حتى نستطيع إبطال سحرهما لئلا يتأثر الناس بهما ، ولنجمع كل ما نستطيع جمعه من هؤلاء السحرة ثم نتصرف بما نراه بعد ذلك.
وهكذا كان ، (فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) وهو يوم الزينة ، كما تقدم في سورة طه ، (وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ) في اجتماع جماهيري حاشد ، (لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كانُوا هُمُ الْغالِبِينَ) حيث يظهر بطلان دعوة موسى ، فيتأكد الخط الفرعوني الذي يلزمه السحرة في دينهم ، فيزداد رسوخا في التزام الناس