(وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) بتوفيقي للأخذ بأسباب الصلاح في أفكاري وأعمالي ، بأن تقودني إلى السير في طريق الصالحين ، فأقدم إليك الطاعات وأجتنب المعاصي ، حتى أكون جزءا من المسيرة الطويلة التي يخلف فيها الصالحون الصالحين ، حيث يجتمعون غدا في جنتك ، ويعيشون معا في رضوانك.
(وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ) ليتحدث الناس عني من موقع الصدق الذي أجسّده في حياتي رسالة ودعوة وسلوكا عمليا في خدمة الناس وإصلاح أمرهم وتوجيه حياتهم إلى ما فيه رضاك في الدنيا والآخرة ، فأكون الإنسان الذي لا تتجمد شخصيته في حياته الخاصة ، بل تكون ممتدة في حياة الناس الآخرين من بعده ، لتكون النور الذي يضيء عقولهم بما أعطاهم من معرفة شاملة واسعة.
وقد نستوحي من هذه الآية أن الأنبياء والصالحين لا يطلبون الذكر الممتد من موقع الحالة الذاتية ، حيث تتطلب النفس زهو الذات الطامحة للخلود ، بل يطلبون الذكر الخالد في خط الصدق الذي يلتزمونه في حياتهم ويدعون إليه في رسالاتهم. فلا تكون القضية قضية ذات تبحث عن اسم خالد ، بل قضية رسالة تبحث عن امتداد في ضمير الإنسان المستقبلي وحياته ، وبذلك تكون صفة الرسالة في حركة الذات هي المطلوبة لديه ، وهذا هو الذي يمثل خلود الأنبياء بخلود رسالاتهم.
(وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ) الذين يمنحهم الله الحق في الإقامة فيها ليكونوا من عمّارها وسكانها والمتنعمين في نعيمها ، جزاء للعمل الصالح المنطلق في خط الإيمان.
(وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ) وذلك بأن توفقه للسير في طريق الهدى ، ليكتشف ذلك بنفسه ، فيلتزم به في فكره وعمله ، فيكون ذلك سببا