لحصوله على مغفرتك ورضوانك. وقد كان هذا الاستغفار منطلقا من وعد إبراهيم لأبيه بذلك في قوله تعالى ، كما نقل القرآن عن إبراهيم : (قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا) [مريم : ٤٧].
(وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ) بما تخزي به عبادك الخاطئين الذين لم يلتزموا التقوى في إيمانهم وعملهم ، وذلك بأن تجعلني من المطيعين الذين إذا أخطئوا فإنهم لا يفعلون ذلك من موقع التمرد والإصرار ، بل من موقع الغفلة والنسيان ، فإذا انتبهوا عادوا إلى طاعتك. فلا توقفني ـ يا رب ـ في مواقف الخزي هناك ، عند ما يقوم الناس لك يوم القيامة (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ* إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) من الكفر والضلال والعداوة والبغضاء والشر لعباد الله. فالقلب السليم يمثل ملامح الشخصية الإنسانية الإسلامية التي تختزن في داخلها الخير كله ، والنصيحة لله ولرسله ولأوليائه ولعباده. في الكافي بإسناده عن سفيان بن عيينة قال : سألته ـ ويقصد الإمام جعفر الصادق عليهالسلام ـ عن قول الله عزوجل : (إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) قال : السليم الذي يلقى ربه وليس فيه أحد سواه. قال : وكلّ قلب فيه شرك أو شك فهو ساقط ، وإنما أرادوا الزهد في الدنيا لتفرغ قلوبهم للآخرة (١). وفي مجمع البيان روي عن الصادق عليهالسلام أنه قال : هو القلب الذي سلم من حب الدنيا (٢). باعتبار أن الخير في حياة الناس تابع للدوافع الروحية للإنسان.
وهكذا تتمثل القيمة الإنسانية التي يتميز بها الإنسان في يوم القيامة ، في القلب السليم الذي ينبض بالحق والخير والصلاح ، فيتجسد خيرا وبركة ورسالة وإصلاحا للعالمين ، لأن القلب السليم لا ينتج إلا العمل الصالح والخط السليم.
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١٥ ، ص : ٢٩٢ ـ ٢٩٣.
(٢) مجمع البيان ، م : ٤ ، ص : ٢٥٤.