والخير والصلة.
(إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) فقد تحملت الرسالة بمسؤولية وصدق ، وسأبقى أمينا لما تحملته من مفاهيمها وأحكامها ومناهجها ، لأن المسألة ليست هي طبيعة العلاقة الذاتية التي تربطني بكم ، بل هي عمق العلاقة الروحية التي تربطني بالله الذي أوحى بها إليّ ، وشرّفني بحملها ، ثم تربطني بكم من خلال الارتباط بالله ، (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ) في ما أبلغكم من رسالته ، وأقودكم إليه من السير على الصراط المستقيم الذي يبدأ من الله وينتهي إليه. وإذا كنتم قد تعوّدتم ـ في بعض تجاربكم ـ على الأشخاص الذين يتخذون الدعوة وسيلة إلى تحصيل الربح المادي ، فإني لست من هؤلاء ، لأنني حامل رسالة ولست طالب مال.
(وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ) الذي أرجو رحمته ، وأتطلع إلى لطفه ورضاه ، وأطمع بالنعيم في جنته في دار قدسه. (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ) إنها الدعوة الدائمة التي تتكرر وتمتد في وجدانكم لتهزّ أعماقكم ومشاعركم ، وتوجّه حياتكم إلى الالتزام والانضباط في خط المسؤولية في رحاب الله.
(قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ) في دعوتك لنا ، لنكون معك ، (وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ) وأنت لا تملك جمهورا مميزا من الطبقة العالية في المجتمع من أصحاب السلطة والمال والنفوذ ، بل كل ما لديك هم هؤلاء السفلة الأراذل الذين يتميزون بالخسّة والدناءة ، فكيف تريدنا أن نتبعك وليس معك أحد من طبقتنا ، فكيف نقبل أن ندخلهم في مجتمعنا من خلالك ، أو ندخل ـ نحن ـ في مجتمعهم ، لحسابك؟
(قالَ وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) فلست مسئولا عن أعمالهم التي تنسبونها إليهم من رذالة ودناءة ، لأن مهمتي هي الدعوة إلى الله ، الذي كلفني بدعوتهم