وهذا ما يفرض على الرسول والدعاة والقادة الإسلاميين من بعده ، أن يحضنوا المؤمنين الذين اتبعوه ، كما يحضن الطير أفراخه ، فيبسط إليهم جناحه ليضمهم إليه ، ويجمعهم عنده ، وأن يرأفوا بهم ويرحموهم ويتواضعوا لهم من مواقع الإيمان ، ليشعر المؤمنون بأن الإسلام قد أعطاهم قيمة كبيرة في التزامهم به ، وأن القيادة قد منحتهم موقعا متميزا في الموقع والعاطفة والرعاية في حركة الاتّباع والطاعة والانقياد ، فتقوى نفوسهم وتشتد مواقفهم ، وتثبت خطواتهم.
(فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ) لأن الرعاية والرأفة والرحمة لا بد من أن تنطلق من أجواء الالتزام الإيماني المتمثل في سلوكهم العملي بالاقتراب من طاعته والابتعاد عن معصيته ، فإن تبدل ذلك بالمعصية والتمرد ، فلا بد من إعلان الموقف الحاسم الذي يضع الأمور في نصابها الصحيح ، وذلك بالبراءة من العمل المنحرف عن أمر الله ونهيه ، لأن ما يجمع الرسول بالناس هو العمل ، فهو الذي يقربهم إليه إن انطلق في اتجاه الاستقامة ، وهو الذي يبعدهم عنه إن تحرك في اتجاه الانحراف.
وهذا ما ينبغي للعالمين في سبيل الله ، والدعاة إليه ، أن يؤكدوه في الالتزام بالجماعة التابعين لهم ، لا أن يكون الإطار الشكلي هو الأساس في الموالاة ، بل يكون المضمون العملي هو الأساس في ذلك. وهذا هو الفرق بين الطائفية في مدلولها العشائري ، والرسالية في مدلولها الفكري والروحي والعملي.
* * *
نتائج التوكل على الله
(وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ) الذي يمنح عباده القوّة من قبله ، فيعتزون