بعزّته ، ويفيض عليهم من رحمته ، فيحسون بالطمأنينة والسلام الروحي من خلالها ، فإذا توكل عبده عليه ، وأسلم أمره إليه وواجه الحياة في كل تحدياتها للرسالة المتحركة في خطواته الثابتة بالثقة الكبيرة في إيمانه ، فإنه يسهّل له كل الصعوبات ، ويجنبه كل المشاكل ، ويخرجه من أقسى المآزق ، ويجعل له من أمره فرجا ومخرجا.
وهذا ما ينبغي للمؤمن الداعية أن يحرّكه في وعيه الرسالي ، فيأخذ القوّة من ربّه ، ويحرّك الرسالة في خطته ، ويجمع المؤمنين إليه وإلى كلمته ، ثم يواجه الواقع كله بعزمه وإرادته ، لا يخاف من الناس ، ولا يخشى المفاجآت ، بل يتوكل على الله في ما يمكن أن يحمله المستقبل من أحداث وأوضاع ، فهو الذي يتكفل بذلك ، في ما يكله العبد إليه من أموره في طريق طاعته ورضاه ، لأنه الرب العظيم العزيز الرحيم (الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ) لعبادته في جوف الليل ، في موقف العبودية الخاشعة المبتهلة المنقادة إليه ، المنفتحة عليه في آفاق النور الرحبة عند ما تهددها كهوف الظلام لتحاصرها بنوازع الضعف البشري التي تقود الإنسان إلى اليأس ، فيرحمك برحمته ، ويظلّك بلطفه (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) المصلّين الذين يصلون معك ، أو يراك في تحرّكك في أجواء السجود مع الفريق الذي يسجد لله خشوعا في ما يمثله مجتمع الساجدين العابدين الذي تقف في مقدمته ، وفي طليعتهم ، على ما هو الظاهر من السياق ، وأخذ به جمع من المفسرين.
وفي مجمع البيان في قوله تعالى : (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) «قيل : معناه وتقلبك في أصلاب الموحدين من نبيّ إلى نبيّ حتى أخرجك نبيا ، عن ابن عباس في رواية عطاء وعكرمة ، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله صلوات الله عليهما قالا : في أصلاب النبيين نبيّ بعد نبيّ حتى أخرجه من