المالية ، فيكون لذلك تأثير سلبيّ على حركة الحق في حياة الناس ، وبذلك يمكن أن تتضخم صورة غير ضخمة ، أو يشرق واقع مظلم من خلال إضاءة الكلمة في مواقعه بعيدا عن حقيقة الضياء في الواقع. وهكذا يشاركون في غلبة الزيف على الحياة في الأشخاص والأوضاع والمواقع.
أمّا إذا كانت القصيدة ، في مضمونها ، انتصارا للحق ، ودفاعا عن المظلوم ، وإثارة لحركة الإيمان ، فإن الموقف يتبدّل والحكم يختلف ، وهذا ما عبرت عنه الآية التالية التي جاءت بمثابة الاستثناء عن تلك القاعدة العامة.
(إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا) فانطلقوا من قاعدة الإيمان في فكرهم ووجدانهم ، وتحركوا في خط العمل الصالح في مواقفهم ومواقعهم ، وانفتحوا على الله في تفكيرهم وأذكارهم ، وواجهوا الموقف الظالم الذي يفرضه عليهم الظالمون بالدفاع والانتصار لأنفسهم وللآخرين من المظلومين ، فهؤلاء يملكون القيمة كل القيمة تبعا للقيمة التي يمثلها الإيمان والعمل الصالح وذكر الله والانتصار للظلم ، مما يعني أن المسألة في الشعر هي مسألة المضمون والموقف ، وليست مسألة الشكل والكلمة. وقد نقل أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سئل عن الشعر : ما تقول في الشعر؟ فقال : «إن المؤمن مجاهد بسيفه ولسانه ، والذي نفسي بيده ، لكأنما ينضحونهم بالنبل» (١). وبذلك يتحول الشعراء إلى سلاح قويّ في المعركة تماما كما هو النبل عند ما يسدده المقاتل إلى صدور الأعداء.
(وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا) أنفسهم بالكفر والمعصية ، وظلموا غيرهم بالبغي والعدوان ، (أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) عند ما يواجهون سوء العاقبة في الدنيا وعذاب الله في الآخرة. والحمد لله رب العالمين.
* * *
__________________
(١) مجمع البيان ، م : ٤ ، ص : ٢٧١.