اتجاه حركة الريح من حوله.
(وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ) لأنهم لا يتحركون من موقع القناعات بل من موقع الأهواء والشهوات ، فليست الكلمة صدى العقيدة ، بل هي صوت المصلحة ، ومما يجعل المساحة كبيرة بين ما يعتقدون ويقتنعون به ، وبين ما هو واقع أفعالهم وممارستهم. أمّا الرسول ، فهو الذي يريد أن يحرك الكلمة في مواقع العمل ، وينطلق بالفعل ليكون تعبيرا عن القول ليتم التطابق بينهما في أرض الواقع.
* * *
هل الإسلام ضد الشعر؟
ولكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا : هل هذا موقف ضد الشعر؟ وهل الشعراء فئة مذمومة عند الله ، فليس للإنسان الذي يريد أن يحصل على محبة الله ورضاه أن يكون شاعرا؟ ولماذا هذا الموقف المعقّد من الشعر والشعراء؟ وما الفرق بينه وبين الموقف من الخطابة والخطباء؟ وهل هناك إلا الاختلاف في الكلمة الموسيقية في ما هو اللحن في الوزن ، وبين الكلمة غير الموسيقية في ما هو الصوت في النثر؟
والجواب : إن الموقف ليس موقفا ضد الشعر والشعراء ، فقد جاء عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قوله : «إن من الشعر لحكمة» (١) ، بل هو موقف ضد الذهنية الغالبة لدى الشعراء في الظاهرة العامة لسلوكهم مما يجعلهم يستغلون اهتمام الناس بالشعر كأسلوب يهز المشاعر ، ويثير العواطف ، في سبيل الوصول إلى مطامعهم وشهواتهم عند ما يحركون الكلمة ـ القصيدة ـ في سوق المزايدات
__________________
(١) الصدوق ، الفقيه ، دار الكتب الإسلامية ، طهران. ج : ٤ ، باب : ٢ ، ص : ٣٧٩ ، رواية : ٥٨٠٥.