الغائبة في سكرات الخمر ، المتحركة مع أطماع الذات في أموال الآخرين وامتيازاتهم؟ حدّقوا في المسألة جيّدا لتعرفوا حقّ الحديث من باطله.
(وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) الذين يبحثون عن الخيالات البعيدة عن الواقع والأوهام التي تهرب من الحقائق ، ويتحركون في مواقع الغيّ بعيدا عن ساحة الرشد ، ويستمرون مع الجوّ ما دام رائقا ومنسجما مع أوضاعهم النفسية ومصالحهم المادية ، فإذا اقترب الخطر منهم وتعقّدت الأمور في ساحاتهم وشعروا بالمشاكل الصعبة تتحداهم هربوا وابتعدوا عن الشعر والشعراء ليحصلوا على السلامة.
ولكن محمدا ـ في رسالته ـ يتبعه المؤمنون المخلصون الذين آمنوا بالله وبرسله وباليوم الآخر ، واتبعوا النبي محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم لما في رسالته من عمق روحي ورسالي يتعالى بالحياة ، حتى إذا ما واجهتهم أخطارها ، لتهزم فكرهم وروحهم وموقفهم القويّ أمام الحق ، يثبتون ويصمدون ، ويواجهون الأخطار بروحية الإنسان الذي يعيش الشهادة في حياته ، ويتحرك مع عقلية الشهادة وروحيتها في إقباله على الموت.
(أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ) فليس لهم قاعدة ينطلقون منها ، ولا موقع ثابت يقفون عليه ، ولا أفق واحد يتطلعون إليه ، فهم يتحركون مع الرياح القادمة من هنا وهناك فيميلون معها حيث تميل ، ويقصدون في كل يوم أرضا جديدة ، ويهيمون في واد جديد تبعا للأطماع والمصالح والشهوات ، فهم ، من خلال ذلك ، أتباع الظلمة من الملوك والجبابرة لأنهم يملكون المال الذي يسيرون خلفه ، ويحتوون الجاه الذي يتطلعون إليه ، فمن يدفع لهم أكثر فمدحهم له أفضل ، وهكذا كانت الكلمة تابعة للهوى.
أمّا الرسول ، فإنه ينطلق من موقع الحق الذي لا يتغيّر ، مهما تغيرت الرياح ، فهو يعمل على أن يصنع الرياح في اتجاه فكره بدلا من أن يحركه في