الشياطين في وحيه وفي حركته الرسالية ، بل لا بد من أن يكون الإنسان الذي ينفتح على الله لينزل عليه وحيه في صفاء النور وطهارة الينابيع.
إن المسألة لا تحتمل جدالا ومناقشة ، لأنها مسألة الوضوح في المقارنة بين ما هو الكذب والصدق ، وما هو الحق والباطل ، وما هو وحي الله ووحي الشيطان الذي يريد جنده أن يمنحوا حديثهم بعض مواقع القداسة فيزعمون أنهم يستمدونه مما يسمعونه من أخبار السماء ، في ما يوحون به إلى أتباعهم بأنهم يملكون الوصول إلى مواقع التنصت على ما يدور في السماء من أخبار الأرض والإنسان ، ولكنهم لا يرتكزون على أساس ثابت (يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ) في ما يدّعونه من أحاديثهم وتهويلاتهم وأفكارهم المريضة ، فكيف يجتمع الصدق الذي يمثله الرسول مع الكذب الذي يتمثل في كل نهجهم وطريقتهم في الحياة؟
* * *
مناقشة اتهام النبي بالشعر
وتقولون إنه شاعر ، كهؤلاء الشعراء الذين يتحركون في الساحة ، ليمدحوا هذا ويذمّوا ذاك ، ويحسّنوا صورة هنا ويقبحوا صورة هناك ، وليثيروا الأوهام والخيالات على حساب الحقائق ، وتتحدثون عن أسلوب القرآن أنه شعر أو يشبه الشعر لتبتعدوا به عن طبيعته القرآنية المنطلقة من عمق الوحي الإلهيّ ، ولكن ، هل رأيتم ملامح الشاعر في روحيته ووجدانه وصدقه وصفاء روحه وإشراقة فكره ، وانفتاح قلبه على الخير والرحمة والحق؟ هل تمثلتم في شخصيته الملائكية شخصية الشاعر الذي يلوّن الكلمة بألوان الباطل ، ويغذيهم بأكاذيب المضمون غير الواقعي؟ ألا ترون بعدا كبيرا بين هذه الشخصية الرحبة التي عاشت آفاق السموّ مع الله وانفتحت على الخير كله في حياة الإنسان ، وبين الشخصية المعروفة في مجتمع الشعراء الغارقة في أوحال الشهوات ،