مواجهتها ولا التمرد عليها مهما كانت قوتهم الذاتية ، وستكون النتيجة أننا سنتغلب عليهم وسنخرجهم من بلادهم أذلة صاغرين.
قال سليمان هذا للرسول وهو يعرف أنهم سيستسلمون له عند ما يعرفون حجم القوّة ومستوى الردّ ، ولكنه أراد أن يواجههم بالقوّة المستمدة من الغيب الذي منحه الله بعض وسائله ، ليكون ذلك وسيلة للاقتناع عند ما يعرفون عظمة القدرة الإلهية التي تتمثل في هذا الفعل العجيب الذي يدلّ على أنّ القضية ليست قضية ملك يراد له أن يتوسع ويكبر ، بل هي قضية رسالة يراد لها أن تتركز في العقول والقلوب والمواقف .. وهكذا التفت إلى أعوانه من الجنّ الذين يملكون القدرة على الحركة السريعة غير العادية ونقل الأشياء والأشخاص من أماكن بعيدة بطريقة غير مألوفة ، وإلى أعوانه من الإنس الذين قد يملكون بعض القدرة الروحية التي تتيح لهم القيام بذلك بقدرة الله ، بما منحهم الله من علم ذلك.
(قالَ يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) حتى إذا جاؤوا وجدت عرشها أمامها لتعرف موقع قدرة الله في ما أعطاه لسليمان ـ النبي ، فتسلم لله من أقرب موقع ، بعيدا عن الحوار في تحليله وتنظيره ، (قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ) فلن يحتاج الأمر إلى مدة زمنية بمقدار انتهاء الجلسة ، (وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ) لأني أملك القوّة على حمله والإتيان به كما أملك الأمانة في حفظه. و (قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ) وقد اختلف في اسمه ـ بعد أن ذكروا أنه من الإنس ـ فقيل إنه آصف بن برخيا وزير سليمان ووصيّه ، وقيل : هو الخضر ، وقيل : رجل كان عنده اسم الله الأعظم الذي إذا سئل به أجاب ، وقيل : جبرائيل.
وقد اختلف في المراد بالكتاب الذي يملك هذا الشخص علمه ، هل هو الكتاب المعروف مما جاءت به الرسالات الإلهية ، أو اللوح المحفوظ ، أو نوع