الملكة تعلن إيمانها بالله
(قالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي) في ما أسلفته في حياتي الماضية من عبادة غيرك ومن السير في خط الضلال الذي أبعدني عن طاعتك ورضاك ، وها أنا الآن تائبة إليك نادمة على ما مضى ، وعازمة على السير في الخط المستقيم في العقيدة والطاعة ، (وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) لأنه ليس ملكا يريد أن يضم الناس إلى سلطته من موقع ذاتي ، بل هو رسول يريد أن يجمع الناس حول رسالته ، ويدلهم على رب العالمين ، مما يجعل القلوب مفتوحة عليه ، والعقول منقادة إليه ، وهو ما يجعل الناس تسير معه ولا تسير وراءه. وهكذا استطاع سليمان من موقع القوّة التي حطمت الحواجز ، وأسقطت روح التمرّد لديها ، أن ينفذ إلى عقلها وقلبها من خلال انفتاح الفطرة الصافية على كلماته ورسالته ، وقد يكون هذا الأسلوب حركة واقعية في طريق الهداية عند ما تكون القوّة سبيلا إلى تحطيم الحواجز ، لتنطلق الكلمة في الساحة الواسعة التي ينفتح فيها العقل والقلب والوجدان على الحقيقة كلها في مواقع الصفاء.
* * *