(فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ) فهذا هو الردّ على دعوة لوط للتفكير في المسألة ، والحوار حولها ، والابتعاد عنها ، لأنهم لا يملكون عمق الفكرة التي تفرض القناعة ، بل كل ما عندهم ، هو الانفعال بالمزاج الذي يمنعهم من التجاوب معه في رفض ذلك ، مما يجعلهم في موقف الضعف الفكري الذي يتحول إلى عنف عمليّ. وهكذا كان النداء الذي انطلق من كل واحد منهم ليتجاوب في نداء الجميع ، بالمطالبة بإخراج لوط وأهله من القرية ، لأنهم يعيشون طهارة الغريزة في حركة العلاقات الجنسية ، فلا يسمحون بها إلا في الدائرة الطبيعية في نطاق العلاقات الزوجية ، في ما توحي به الكلمة من اعتبار الطهارة في العلاقة ، من حيث طبيعتها وشرعيتها هي الأساس في طهارة الفعل ، فليس الجنس قذارة في مفهوم الرسالة بل طريقة ممارسته في دائرة الانحراف.
* * *
نجاة لوط وأهله
(فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ) بعد أن استكمل رسالته بمختلف الأساليب ، ولم يبق هناك أيّ مجال لأيّة تجربة جديدة ، وبعد أن تحوّل الموقف إلى حالة عنف للتدمير ، لا حالة حوار للإقناع ، (إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ) الهالكين لأنها لم تستجب لحركة الرسالة في حياة زوجها بل تآمرت عليه مع قومها فاستحقت العذاب معهم ، لأن الإسلام لا ينطلق في المسؤولية من العلاقة الوثيقة بين النبي والآخرين في الناحية الذاتية ، بل الناحية الرسالية ، (وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً) من الحجارة (فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ) الذين لم يستجيبوا للإنذار.
* * *