(قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ)
(قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) في عملية إيحاء داخليّ للمؤمن بكل الصفات الجلالية والجمالية التي تفتح قلبه على الله ليثني عليه بما هو أهله في صفات عبده ، كما هو الأمر في صفاته في ذاته ، لأن أيّ حمد لأيّ مخلوق راجع إليه ، لأنه مستمدّ من فيوضاته ونعمه ، فإذا كان الإنسان مظهر قدرة الله ، فإن صفاته مظهر حكمته ونعمته ، فكل حمد راجع إلى حمده ، قلها ـ دائما ـ في آناء الليل وفي أطراف النهار ، وفي جميع مواقع الحياة ، لأن ذلك هو الذي يملأ قلبك بالله ، فلا ينبض بالإحساس بعظمة مخلوق إلّا ليكون ذلك إحساسا حيا بعظمة الله في عظمة خلقه.
(وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى) ليكونوا حملة لرسالته ، وأدلة على توحيده ، وهداة لتعاليمه ، لأنهم في الموقع الرساليّ المميز الذي يفرض على الناس أن يرفعوهم إلى المستوى الأعلى في التقدير والتعظيم ، فيعبرون عن ذلك بتحية السلام ، التي تتناسب مع أجواء السلام الروحي الذي يعيشون له ويدعون إليه ، كدليل على وقوفهم معهم في ساحة التحدي مع الكافرين ، وانفتاحهم على الجانب الرسالي من حياتهم ، واستعدادهم للسير على منهجهم. وهكذا يريد الله للناس أن يعبّروا عن مشاعر الدعم والتأييد للرساليين ، بكل الكلمات والمواقف التي تمثل قوّة الموقع الرساليّ في حركة الناس.
ثم فكروا في ما يوحي به ذلك من اختزان عظمة الله في النفس ، والمقارنة بينه وبين غيره ، مما يشرك الناس به في العبادة ، ليتساءلوا من قاعدة الفكر المنفتح المقارن :
(آللهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ) وسيخرجون بنتيجة حاسمة واحدة ، هي أن الله هو الأعظم والأعلى والأقوى والأفضل في كل شيء ، لأنهم المربوبون له ،