هذا المعنى ـ كما يقول صاحب تفسير الميزان ـ (١).
(وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً) والمراد بالمرور باللغو ، المرور بالذين يمارسون اللغو ، ويشتغلون به ، فلا يتوقفون عندهم ليستمعوا إليهم ، أو ليخوضوا معهم فيه ، بل يعرضون عنه ويتابعون طريقهم إلى ما يريدون تنزها عن ذلك ، لأن الإنسان المؤمن لا يفكر في الحياة إلا من موقع الحصول على الفائدة في الدنيا والآخرة ، فلا يتوقف ولا يستغرق في ما لا فائدة فيه ولا منفعة لنفسه وللآخرين (٢).
(وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ) التي أنزلها الله على رسله مما يفتح قلوبهم على الله وعلى طاعته ، وعلى ما فيه صلاح دينهم ودنياهم من حكمة أو موعظة حسنة ، من قرآن أو وحي سابق منزل ، فإذا دعاهم الناس إلى شيء من ذلك ليسمعوه ، وليفكروا فيه ، وليعملوا به ، أصغوا إليها بمسامع قلوبهم ، وفتحوا لها كل عقولهم ، ولم يعرضوا كما يعرض الكافرون. (لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً) كما يفعل الذين لا يسمعون إذا قرئ القرآن عليهم ، أو الذين لا يبصرون إذا قدّم إليهم القرآن ليقرأوه. وهكذا يتحرك المؤمن في مصادر المعرفة ليوجّه إليها كل عقله وشعوره ليبني شخصيته ـ من خلالها ـ على أساس العلم والإيمان ، وليهتدي بها إلى مواقع الهدى ، لأن المعرفة عنده مسئولية وليست مجرد حالة طارئة في حركة الحياة من حوله (٣).
__________________
(١) (م. س) : ج : ١٥ ، ص : ٢٤٢.
(٢) جاء في كتاب عيون أخبار الرضا عليهالسلام بإسناده إلى محمد بن أبي عباد كان مشتهرا بالسماع وبشرب النبيذ قال : سألت الرضا «الإمام علي بن موسى» عليهالسلام عن السماع فقال : لأهل الحجاز رأي فيه وهو في حيّز الباطل واللهو ، أما سمعت الله عزوجل يقول : «وإذا مروا باللغو مرّوا كراما ..». البحار ، المجلسي ، ج : ٦٦ ، باب : ٣٧ ، ص : ٦٣١.
(٣) في روضة الكافي عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله «جعفر الصادق» عليهالسلام عن ـ