(إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً) يؤدي به إلى تبديل الموقف على مستوى الحالة الروحية ، والممارسة العملية ، (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) لأنهم بدّلوا السلوك المنحرف ، بالسلوك المستقيم ، وانتقلوا إلى رضوان الله بالانتقال إلى طاعته. وبذلك يظهر أن التبديل لا يعني أن السيئة تكون بمنزلة الحسنة ، بل المقصود ـ والله العالم ـ أن الله يمحو أثر السيئة السابقة ويعطيه ، بعمله الصالح ، الحسنة ، وهي المغفرة التي لا يبقى معها شيء من نتائج المعصية.
(وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) فلا يغلق باب رحمته عن عباده ، ولا يحجب مغفرته عن التائبين منهم والعاملين في سبيل رضاه ، بل يتلقاهم برحمته ومغفرته ورضوانه بكل محبة وعطف ورضوان.
(وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتاباً) إذ التائب عن الذنب بإعلانه عن الندم الذي يوحي بالعزم على التراجع ، وبالعمل الصالح الذي يوحي بتبديل الموقف في اتجاه آخر ، يجسد الرجوع إلى الله في عملية تصحيحية واعية على أكثر من صعيد ، فلا غرابة في أن يتقبله الله ويبدّل سيئاته حسنات.
(وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) وهو الباطل الذي قد يتمثل بصورة الحق ، وربما كان الظاهر منه شهادة الزور وهو الكذب في مقام الشهادة ، مما يريد أن يوحي به الشاهد بأنه صدق ، وقد يراد منه اللهو الباطل كالغناء ونحوه ، مما جاءت به بعض الأحاديث المأثورة عن أئمة أهل البيت عليهمالسلامفقد جاء في الكافي عن أبي عبد الله جعفر الصادق عليهماالسلام في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) قال : الغناء (١) .. فيكون المعنى ، والذين لا يحضرون الزور ، أي مجالس الباطل .. وقد يكون ذيل الآية في الفقرة التالية يتناسب مع
__________________
(١) (م. س) ، ج : ١٥ ، ص : ٢٤٦.