الملازم لسخط الله ، وقد يكون هذا أقرب ، باعتبار أن المعنى الأول مذكور في الآية التالية : (يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً) بما يمثله العذاب من إهانة واحتقار.
وقد نلاحظ في الآية التأكيد على الخلود في النار للمشرك والزاني والقاتل للنفس المحترمة ، مما قد يتنافى مع الآية الكريمة (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً) [النساء : ٤٨] التي تدل على اختصاص الخلود في النار بالمشرك ، وأما غيره فإن المغفرة تلحقه في نهاية الأمر بالإضافة إلى ما اشتهر بين العلماء ، بأن المسلم لا يخلّد في النار حتى لو كان زانيا أو قاتلا.
وقد أجاب عنه بعض المفسرين بأنه محمول على اقتضاء طبع المعصية ، لذلك فالقاتل والزاني يستحقان الخلود في النار ، باعتبار أن الزنى وقتل النفس المحترمة من الكبائر ولكن المغفرة تلحقهما ، أو يحمل الخلود على المكث الطويل الذي هو أعم من المؤبد أو المنقطع أو على غير ذلك (١).
ولكن يمكن أن يقال ، إن هذه المحامل ليست بأولى من حمل المغفرة لما دون الشرك ، على قابلية ذلك للمغفرة ، لا على فعليتها ، وإلا لكان مقتضيا لعدم دخول النار ، لأن ذلك ينافي المغفرة للذنب ، مع ملاحظة أن الإشارة إلى الخلود في النار قد صرّح بها في القرآن في هذه الآية وفي غيرها في القتل غير المشروع وفي الزنى ، مما يرجح ما استظهرناه على ما ذكر من المحامل في الاتجاه الآخر ، فتكون النتيجة أن كل شيء قابل للمغفرة ما عدا الشرك. ولكن بعض الجرائم قد لا تلحقها المغفرة بطبيعتها ، بل لا بد في الحصول عليها من التوبة ، كما هو الحال في الشرك. فالأمر فيها قد يكون مثل الشرك في النتيجة مع اختلافه عنه في الطبيعة ، والمسألة محتاجة إلى التأمّل الدقيق ، والله العالم.
__________________
(١) يراجع تفسير الميزان ، ج : ١٥ ، ص : ٢٤٠.