التي تنوبه وتلازمه في حياته ، ويمثل عذاب جهنم الخلود فيها. (إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً) وأيّ مكان أسوأ من المكان الذي يعيش فيه الإنسان العذاب من جميع جهاته ، وأيّ استقرار هو هذا الاستقرار الذي يهتز الإنسان فيه أمام لهيب النار؟
(وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا) ولم يخرجوا عن الحد الطبيعي في الإنفاق ، (وَلَمْ يَقْتُرُوا) في حالة بخل غير طبيعية ، (وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) وهو الحد الوسط الذي يمثل خط التوازن بين الزيادة المفرطة والتقليل المفرط ، بحيث يعيش الوضع الطبيعي في مصرفه على صعيد الحاجة العادية في مثل ظروفه وموقعه في دائرة الضروريات والكماليات (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) فلا يؤمنون بإله آخر مع الله ولا يشركون به أحدا ، ولا يقدّمون فروض العبادة لغيره في جانب الشرك في العبادة ، ولا يرفعون أكفّهم بالدّعاء إلّا له ليقضي لهم حاجاتهم ، وييسّر أمورهم ، ويخفّف آلامهم ، فهو وحده الإله الذي يعبد ، وهو وحده الإله الذي يدعى في قضاء الحاجات ، وحلّ المشكلات.
(وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِ) الذي قرره الله في الشريعة ، مما يوحي بأن الأصل في الإسلام هو احترام النفس وعدم جواز إزهاقها إلّا في الحالات التي وردت الرخصة فيها في الكتاب والسنة ، بحيث تكون إباحة الدم استثناء على القاعدة.
(وَلا يَزْنُونَ) فالزنى هو مسألة انحراف عمليّ وخلقيّ عن خط الاستقامة الذي حدده الله للإنسان في العلاقات الجنسية القائمة على مبدأ الزوجية بين الرجل والمرأة وفق ما أراده الله من التوازن في النظام الاجتماعي ، من هنا كان الزنى تجاوزا لحدود الله ، وتمرّدا على شريعته ، (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً) وهو نتيجة الخطيئة ، وهو الجزاء بالعذاب الذي يلقاه يوم القيامة ، وربما يراد به غضب الله الذي يستلزم الخطيئة ، إذ توحي الكلمة بمعنى الحرام