لا أهواء المشركين (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) بيان للموحى أو اعتراض للتّعليل (وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) ولا تبال بهم ولا تتّبع أهواءهم ولا تحزن عليهم لشركهم والمقصود العمدة المشركون بالولاية (وَلَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكُوا وَما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) حتّى تحزن عليهم وانّما أنت منذر (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) عائد الموصول محذوف وفاعل يدعون راجع الى المشركين ، والمقصود منه لا تسبّوا الّذين يدعوهم المنحرفون عن علىّ (ع) ممّن نصبوه إماما لهم حالكونهم بعضا من غير الله ، وهذا النّهى جار للمؤمنين الى انقراض العالم ، أو العائد فاعل يدعون ومفعوله محذوف ، أو من التّبعيضيّة قائمة مقام المفعول (فَيَسُبُّوا اللهَ) اى يسبّوا عليّا (ع) فانّه مظهر الله وسبّه سبّ الله وسبّ الله لا يتصوّر الّا في مظاهره (عَدْواً) ظلما لعلىّ (ع) أو تجاوزا عن الحقّ في سبّ علىّ (ع) (بِغَيْرِ عِلْمٍ) منهم انّه مظهر الله ونقل عن الصّادق (ع) انّه سئل عن هذه الآية فقال : أرأيت أحدا يسبّ الله؟ ـ فقيل : لا وكيف؟ ـ قال : من سبّ ولىّ الله فقد سبّ الله ، وقد ورد عنهم بهذا المضمون اخبار كثيرة ، وما ذكرنا كان خلاصة المقصود ولا يخفى التّعميم لكلّ مشرك ومدعوّ غير الله ولكلّ نبىّ (ع) ووصىّ (ع) ولكلّ مؤمن (كَذلِكَ) مثل ارتضاء كلّ منكم ما تدعونه وعدم ارتضاء ما يدعوه غيرهم (زَيَّنَّا) من لدن آدم (ع) (لِكُلِّ أُمَّةٍ) فرقة من الفرق المختلفة المحقّة والمبطلة (عَمَلَهُمْ) وقد سبق عند قوله تعالى ، (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) ، انّ الفاعل في الوجود مطلقا هو الحقّ تعالى وليس من الموجودات سوى الاستعداد والقبول وانّ فعله تعالى امّا بلا واسطة أو بوسائط وانّ مظاهر قهره تعالى من جملة وسائطه وانّ الشّيطان من مظاهر قهره فصحّ نسبة التّزيين اليه تعالى في الأعمال السّيّئة والى الشّيطان لانّه المباشر القريب والى القوابل نحو نسبة الشّيء الى القابل (ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ) قد سبق انّ الرّبّ المضاف هو الولاية المطلقة وانّ مظهره الاتمّ علىّ (ع) وانّ رجوع الكلّ الى الولاية الّتى هي فعله تعالى وظهوره لا الى الغيب المطلق فانّه لا راجع هناك ولا رجوع (فَيُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) من خير وشرّ (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ) ممّا اقترحوا (لَيُؤْمِنُنَّ بِها) اى ليذعننّ بالآية الجائية وانّها من الله أو ليؤمننّ بمحمّد (ص) بسبب تلك الآية وهذا حكاية قولهم الكاسد النّاشى من تحمّلات النّفس فانّها كالمرأة الخبيثة تكون دائمة في الاعذار الفاسدة والفرار من قبول حكم الأزواج واتّهام غيرها بمأثمها (قُلْ) يا محمّد (ص) لهم أو للمؤمنين الطّامعين في ايمانهم الطّالبين منك الإتيان بمقترحاتهم (إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ) يا محمّد (ص) لهم وباختياري (وَما يُشْعِرُكُمْ) ما استفهاميّة للاستفهام الانكارىّ والخطاب للمؤمنين الطّالبين للإتيان بمقترحاتهم حرصا على ايمانهم ، أو للكافرين المقسمين بطريق الالتفات من الغيبة الى الخطاب ، أو ما نافية وفاعل يشعركم ضمير راجع الى الله وهو عطف على انّما الآيات ، أو حال معمول لعند الله ومن جملة مقول القول ، أو عطف على أقسموا ، أو حال معمول لا قسموا ومن قول الله (أَنَّها إِذا جاءَتْ) قرئ بفتح همزة انّ معمولة مع ما بعدها ليشعركم بلا واسطة حرف ، أو بتقدير الباء أو هي بمعنى لعلّ وقرئ بكسر الهمزة فتكون مستأنفة (لا يُؤْمِنُونَ) قرئ بالغيبة وبالخطاب ولفظة لا زائدة أو اصليّة (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ) عطف على لا يؤمنون عطف السّبب