وهو من قبيل ايّاك أعنى واسمعي يا جارة (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ) كلمة الرّبّ هي المشيّة الّتى هي الولاية المطلقة ، وتماميّتها بظهورها بنحو الإطلاق في هذا العالم ، وظهورها كذلك ما كان الّا بمحمّد (ص) وعلىّ (ع) فانّ سائر الأنبياء والأولياء ولا يتهم مقيّدة جزئيّة مقتبسة من ولاية علىّ (ع) الّتى هي المطلقة الكلّيّة (صِدْقاً) من حيث الصّدق أو صادقة فانّ الولاية ما لم تخرج من التّقيّد والتّحدّد لم يتمّ صدقها (وَعَدْلاً) العدل ضدّ الجور وهو إعطاء كلّ ذي حقّ حقّه كما انّ الجور منع المستحقّ من حقّه وبمعنى الاستقامة ضدّ الاعوجاج وبمعنى التّوسّط في الأمور ويصحّ اعتباره بكلّ من معانيه (لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ) فلا تبال بما يقولون ولا تبتئس بما يكذبون (وَهُوَ السَّمِيعُ) لما يقولون في علىّ (ع) والقادر على منعهم من إمضاء ما يقولون وإظهار ما يريدون (الْعَلِيمُ) بحال كلّ واستحقاقه (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) لانّ الأكثر منكوسوا الرّؤس منحرفون عن الولاية الّتى هي سبيل الله الى عالم السّفل الّذى هو عالم الشّياطين والأرواح الخبيثة واطاعتهم تؤدّى الى الانحراف الى ما توجّهوا اليه ، وهو تعريض بالامّة وانّما قال أكثر من في الأرض لانّ الإنسان ثلاثة أصناف : صنف عرجوا من ارض الطّبع الى سماء الأرواح ، وشأنهم الطّاعة والانقياد لصاحب الرّسالة والولاية الكلّيّة لا الاستقلال والمطاعيّة ، وصنف وقفوا في ارض الطّبع لكن لهم التّهيّؤ والاستعداد للعروج الى عالم الأرواح فهم وان كانوا في ارض الطّبع لكن موافقتهم لا تصير سببا للضّلال عن التّوجّه الى عالم الأرواح ، وصنف واقفون في ارض الطّبع منكوسون الى السّفل متوجّهون الى عالم الشّياطين وهم أكثر من في الأرض ، وطاعتهم وموافقتهم توجب الانحراف عن الولاية (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ) الظّنّ من صفات النّفس فانّ علومها وان كانت يقينّيّة وإدراكاتها غير ظنّيّة فهي ظنون وليست بعلوم لما مضى مرارا انّ العلم هو الّذى يكون وجهه الى العلوّ ويكون في الاشتداد وعلم النّفس الغير المطيعة يكون وجهه الى السّفل ويكون في التّنزّل ، فالمعنى ما يتّبعون الّا الإدراكات النّفسانيّة الّتى هي مبادي الآراء الرّديّة والأهواء الخبيثة ، وأيضا لمّا كان علوم النّفوس مغايرة لمعلوماتها وجائزة الانفكاك عنها كان حكمها حكم الظّنون في مغايرتها لمظنوناتها وجواز انفكاكها عنها (وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) الخرص التّقدير والكذب والظّنّ وهو المراد هنا يعنى لا يتّبعون الّا الظّنّ وليس لهم علم أصلا حتّى يتصوّر منهم إمكان متابعة العلم ، لانّهم في مرتبة النّفس المنكوسة لا يتجاوزون عنها فلا يكون لهم علم (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) فالمتّبع هو ما قاله الرّبّ لا ما قالوه من نسبة الضّلال والاهتداء الى النّاس بظنونهم فلا تبالوا بما قالوا ولا بما حرّموا واحلّوا وائتمروا بأمور ربّكم (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) ولا تبالوا بما قالوا من انّكم تأكلون ما قتلتم بأيديكم ولا تأكلون ما قتله الله من الانعام ، وبعد ما علمت انّ الاكل أعمّ من فعل القوى والأعضاء وصفات النّفس وادراك المدارك الظّاهرة والباطنة والعقائد العقلانيّة ، وانّ الأصل في اسم الله هو الولاية وانّها الاسم الأعظم وان لا اسم الّا وهو ظلّ لذلك الاسم الأعظم ، وانّ عليّا (ع) هو مظهره الاتمّ ولذا ورد عنه : لا اسم أعظم منّى ، أمكنك تعميم الاكل في كلّ فعل وقول وأكل وشرب وادراك وخاطر وعلم ومعرفة واعتقاد وكشف وشهود وعيان ، فانّ الكلّ أكل بالنّسبة الى القوى الّتى هي مبدأه ، وكذا أمكنك تعميم اسم الله في الاسم القولىّ والقلبىّ المتّصلين بصورته الملكوتيّة الّتى تسمّى فكرا وسكينة وحضورا وذكرا حقيقيّا في لسانهم ، فكلّ ما فعل مع الحضور عند الاسم