أشار الصّادق (ع) بقوله : من كان ذاكرا لله على الحقيقة فهو مطيع ومن كان غافلا عنه فهو عاص ، والطّاعة علامة الهداية والمعصية علامة الضّلالة وأصلهما من الذكّر والغفلة وقوله تعالى : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) (الى آخر الآية) اشارة الى انّ الايمان يقتضي التّوجّه الى عالم النّور ، وذلك التّوجّه يقتضي الخروج من القوّة الى فعليّة النّور ، والكفر بعكس ذلك ، وانّ الإنسان إذا تمكّن في التّوجّه الى عالم الظّلمة صار متجوهرا بالظّلمة وأصلا لكلّ الظّلمات ومتحقّقا بالإثم وأصلا لكلّ الآثام ، وإذا تمكّن في التّوجّه الى عالم النّور صار متجوهرا بالنّور وأصلا لكلّ الأنوار بعد نور الأنوار ، ولذلك كان محمّد (ص) وعلىّ (ع) أصلا لكلّ حسن وإليهما يرجع حسن كلّ حسن ، وإذا لم يتمكّن في شيء منهما فامّا ان ينضّم توجّهه الفطرىّ الى التّوجّه الاختيارىّ بالبيعة العامّة أو الخاصّة الصّحيحة أو الفاسدة أو لا ينضمّ ، وكلّ من الثّلاثة ما صدر منه من حيث التّوجّه الفطرىّ أو الاختيارىّ الى عالم النّور كان حسنا وصوابا ، وما صدر منه من حيث التّوجّه الى عالم الظّلمة كان إثما وذنبا ، إذا عرفت هذا ، فصحّ تفسير ظاهر الإثم بمخالفة علىّ (ع) وباطنه بالنّفاق معه وبالزّنا الظّاهر والزّنا الخفىّ وبنكاح زوجة الأب والزّنا وبأعمال الجوارح السّيّئة والعقائد والرّذائل والخيالات والخطرات والعزمات والنّيّات ، وباتّباع مخالفي علىّ (ع) والمنافقين معه وبالسّيّئات الشّرعيّة وصور الحسنات الشّرعيّة الفاسدة ، والمقصود منه النّهى عن متابعة المخالفين والمنافقين وعن ارتكاب ما ينشأ عن متابعتهما كائنا ما كان كما انّ المقصود ممّا يأتى الأمر بمتابعة محمّد (ص) وعلىّ (ع) المشار اليه بقوله تعالى (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ) (الآية) (إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ) يحصّلون ما ينشأ من متابعتهما (سَيُجْزَوْنَ بِما كانُوا يَقْتَرِفُونَ) الاقتراف الاكتساب أو فعل الإثم وهو في موضع تعليل للاوّل (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) تصريح بالمفهوم تسجيلا وتأكيدا (وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) يعنى ما لم يذكر اسم الله عليه خارج عن الحقّ كائنا ما كان وهو عطف على محذوف ، والتّقدير انّه اثم أو حرام أو مثل ذلك وانّه لفسق أو حال (وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ) من الكفّار (لِيُجادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ) في قولهم انّكم تأكلون ما تقتلون بأنفسكم ولا تأكلون ما قتله الله وان أطعتموهم مطلقا في هذا أو غيره (إِنَّكُمْ) بتقدير الفاء وانّما حسن حذفه لكون الشّرط ماضيا مضعفا لحكم الشّرط (لَمُشْرِكُونَ) فانّ الإشراك هو طاعة غير من نصبه الله للطّاعة ، والمقصود انّ شياطين الجنّ ليوحون الى أوليائهم ليجادلوكم في علىّ (ع) ، أو شياطين الانس ليوحون الى اتباعهم ليجادلوكم في علىّ (ع) بإظهار ما يرى انّها مثالب لعلىّ (ع) وان أطعتموهم صرتم مشركين بالله بواسطة الإشراك في الولاية (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً) عن الحيوة الانسانيّة وان كان حيّا بالحيوة الحيوانيّة (فَأَحْيَيْناهُ) بالحيوة الانسانيّة بقبول الدّعوة النّبويّة والبيعة العامّة أو باستعداد قبول الولاية واستحقاق البيعة الخاصّة (وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً) إماما أو ايتماما بإمام منّا (يَمْشِي بِهِ) بسببه أو معه (فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ) المثل بالتّحريك والمثل بالكسر والمثيل كأمير الشّبيه ، والمثل بالتّحريك الحجّة والحديث والصّفة والمعنى كمن هو شبيه من أحييناه حالكونه (فِي الظُّلُماتِ) أو كمن شبيهه ثابت في الظّلمات أو كمن حديثه أو صفته ثابتة في الظّلمات ، أو كمن صفته البقاء في الظّلمات سواء كان حيّا بالحيوة الانسانيّة وقبول الدّعوة النّبويّة ولم يكن له نور أو لم يكن حيّا فضلا عن النّور (لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها) عن الباقر (ع) الميت الّذى لا يعرف هذا الشّأن يعنى هذا الأمر ، وأقول : المراد به الولاية اى الدّعوة