الباطنة وقبولها والبيعة لها وقال (ع) جعلنا له نورا إماما يأتمّ به يعنى علىّ بن ابى طالب (ع) كمن مثله في الظّلمات قال (ع) بيده هذا الخلق الّذين لا يعرفون شيئا ، وبهذا المضمون اخبار كثيرة ، ويستفاد من هذا الخبر انّ المراد بالميّت غير العارف بأمر الولاية سواء كان عارفا بأمر النّبوّة أو لم يكن ، والحيوة معرفة امر الولاية بقبول الدّعوة الباطنة فانّه لا يتصوّر معرفة هذا الأمر الّا بالبيعة الخاصّة الولويّة وقبول الدّعوة الولويّة ، والمراد بالنّور امّا نفس قبول الدّعوة والبيعة أو الامام الظّاهر عليه بشريّته ، أو المراد بالنّور الأمر الدّاخل في القلب بالبيعة الخاصّة أو المراد به ملكوت الامام الظّاهر على السّالك فانّه به يحصل معرفة الامام بالنّورانيّة (كَذلِكَ) التّزيين الّذى زيّنّا لمن مثله في الظّلمات (زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) في ظلمات جهالاتهم محجوبين عن امر الولاية وضالّين عنه (وَكَذلِكَ) اى مثل ما جعلنا في قريتك أكابر مجرميها (جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها) لتخليص المؤمنين وتميز المنافقين عنهم (وَما يَمْكُرُونَ) في مكر الأنبياء والمؤمنين (إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ) لانّهم في مكرهم يخرجون اوّلا أنفسهم من حدّ الاعتدال والتّوجّه الى كمالها الى حدّ التّفريط والتّوجّه الى نقصانها (وَما يَشْعُرُونَ) انّ المكر في الحقيقة بأنفسهم (وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ) بيان لمكرهم أو تعنّت آخر لهم (قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) وهذا ردّ عليهم بانّ الرّسالة ليست بالآية ولا بالنّسب والحسب والمال بل بعلم الله بمحلّه وصلاح محلّه وبمشيّته وحيث مفعول به ليعلم المقدّر ، أو بتقدير افعل التّفضّل بمعنى اسم الفاعل لعدم جواز تعدية اسم التّفضيل الى المفعول به (سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغارٌ) في الدّنيا اى ذلّة وهو ان كما أصابهم يوم بدر ويوم فتح مكّة (عِنْدَ اللهِ) اى عند مظاهره أو في الآخرة عنده (وَعَذابٌ شَدِيدٌ) في الآخرة (بِما كانُوا يَمْكُرُونَ فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ) الى الرّسالة الّتى جعلها حيث يشاء (يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) الصّدر محلّ الإسلام ومحلّ قبول الرّسالة وأحكامها باعتبار وجهه الى القلب كما انّه محلّ الكفر وقبول احكام الشّيطان باعتبار وجهه الى الحيوانيّة والطّبع ، وشرحه عبارة عن استعداده لقبول احكام كلّ من الطّرفين بجهتيه فشرحه للإسلام كمال استعداده لقبول ما يرد عليه ممّا يوجّهه الى القلب ، وشرحه للكفر عبارة عن كمال استعداده لقبول ما يرد عليه ممّا يوجّهه الى الشّيطان والى اهويتها ، وارادة الله للهداية والإضلال مسبوقة بحسن استعداد العبد واختياره أو سوء استعداده واختياره فلا جبر كما انّه لا تفويض ، وقد سبق تحقيق هذا المطلب في سورة البقرة عند قوله (وَلكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ) ولمّا كان شرح الصّدر للإسلام عبارة عن توجّه النّفس الى القلب وانصرافها عن جهة الدّنيا ورد عن النّبىّ (ص) حين سئل : هل لذلك من امارة يعرف بها؟ ـ انّه قال : نعم ، الانابة الى دار الخلود ، والتّجافى عن دار الغرور ، والاستعداد للموت قبل نزول الموت (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً) عن قبول ما يوجّهه الى جهة القلب ، والضّيق الّذى بقي له منفذ والحرج وقرء بكسر الحاء الّذى لا منفذ فيه كما في الخبر (كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ) في قبول الرّسالة والإسلام (ذلِكَ) كما يجعل الشّكّ والضّيق على من يريد ان يضلّه (يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ) بكسر الرّاء وفتحها وكسر الجيم وبالتّحريك القذر والمأثم وكلّ ما استقذر من العمل والشّكّ والعقاب (عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ وَهذا) الّذى ذكر من جعل صدر بعض منشرحا